هيمنة الدولار «الهشة» ---------------------------------- يواصل الدولار الأمريكي المشهور بقوته سيطرته المطلقة في الأسواق العالمية. لكن ربما كانت هيمنة العملة الخضراء أكثر هشاشة مما يبدو، نظراً لاحتمالية أن تُحدث التغيرات المستقبلية المتوقعة في نظام سعر الصرف الصيني تحولاً كبيراً في النظام النقدي الدولي.   لأسباب كثيرة، قد تتوقف السلطات الصينية يوماً ما عن ربط الرينمبي بسلة عملات، لتتحول إلى نظام حديث يستهدف التضخم، ويُــتاح بموجبه قدر أكبر بكثير من حرية التأرجح لسعر الصرف، لا سيما أمام الدولار. عندما يحدث ذلك، توقع أن تسير معظم دول آسيا وراء الصين. وفي الوقت المناسب، قد ينتهي الأمر بالدولار، الذي يمثل حالياً عملة الارتكاز لنحو ثلثي الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إلى فقدان نصف قيمته تقريباً.   قد يكون أثر مثل هذا التحول كبيراً، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار مدى اعتماد الولايات المتحدة على الوضع الخاص للدولار أو «الامتياز الباهظ» الذي تتمتع به أمريكا، بحسب الوصف الشهير لفاليري جيسكار ديستان وقت أن كان وزيراً لمالية فرنسا لتمويل الاقتراض العام والخاص الضخم. ونظراً لإفراط الولايات المتحدة الشديد في استخدام التمويل بالعجز لمجابهة الآثار التخريبية لمرض فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، فلا يُستبعد أن تنشأ شكوك بشأن استدامة دَيْنها.   تتمثل الحجة التقليدية الراسخة التي تدعم إتاحة مزيد من المرونة للعملة الصينية في كون الصين أكبر كثيراً من أن تدع اقتصادها يسير تبعاً لأهواء مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، حتى مع هذا القدر من الانعزال الذي تخلقه الضوابط الصينية على رؤوس الأموال.   بشكل مبدئي، يمكن تسوية المعاملات أو الصفقات بالدولار في أي مكان بالعالم، لكن البنوك وغرف المقاصة الأمريكية تتمتع بميزة طبيعية كبرى. في المقابل، تكون أي غرفة مقاصة لتسوية المعاملات بالدولار خارج الولايات المتحدة أكثر عرضة دوماً لأزمات الثقة، وتلك مشكلة جابهتها منطقة اليورو ذاتها.   لا شك أن الولايات المتحدة ستضغط بقوة للإبقاء على دوران أكبر عدد ممكن من الاقتصادات في فلك الدولار، لكنها ستكون معركة شاقة. فكما غطت الولايات المتحدة وتفوقت على بريطانيا في نهاية القرن التاسع عشر كأكبر قوة تجارية في العالم، فاقت الصين الولايات المتحدة بذات الطريقة منذ وقت طويل.   هناك أوجه تشابه لافتة بين انحياز آسيا الواضح للدولار اليوم والوضع في أوروبا في ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الماضي. لكن تلك الحقبة انتهت بتضخم مرتفع وانهيار نظام بريتون وودز الخاص بتثبيت أسعار الصرف، وهو نظام ظهر بعد الحرب. حينها اعترفت معظم دول أوروبا بأن التجارة بين بلدان أوروبا أهم من التجارة مع الولايات المتحدة، الأمر الذي أفضى إلى ظهور كتلة المارك الألماني التي تحولت بعد عقود إلى العملة الموحدة، وهي اليورو.   غير أن هذا لا يعني أن الرنمينبي الصيني سيصبح العملة العالمية بين عشية وضحاها.   إذاً ما المشكلة في أن تتقاسم العملات العالمية الثلاث اليورو والرنمينبي والدولار الأضواء؟ لا شيء غير ما يبدو من عدم استعداد الأسواق أو واضعي السياسات لمثل هذا التحول على الإطلاق. لا شك أن معدلات اقتراض الحكومة الأمريكية ستتأثر غالباً بمثل هذا التحول، لكن التأثير الكبير حقاً قد يقع على الشركات المقترضة، خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.   لقد صار الافتراض بنهم شهية العالم للديون الدولارية اعتقاداً راسخاً فيما يبدو بين واضعي السياسات وكثير من الاقتصاديين الأمريكيين اليوم. لكن مجرد تحديث ترتيبات أسعار الصرف في الصين كفيل بتوجيه ضربة موجعة لوضع الدولار.   كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي سابقاً، وأستاذ علوم الاقتصاد والسياسة العامة في جامعة هارفارد. نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية ---------------------------------- مقالات المحرر : مشاهدات : 925 أضيف : 2021/04/06 - 12:22 PM تحديث : 2024/03/24 - 5:44 AM https://www.economy-news.net/content.php?id=24740 ---------------------------------- وكالة الإقتصاد نيوز Economy-News.Net