الاقتصادات الأكثر عرضة للتأثيرات طويلة المدى لجائحة فايروس كورونا: ستشعر الأسواق الناشئة بتأثير الجائحة لفترة أطول من الاقتصادات المتقدمة.
الدكتور مهند طالب الحمدي


 

يمكن أن تستمر التأثيرات الصحية للمصابين بفايروس كورونا في بعض الحالات لأشهر، مما يمكن أن يحول المرض الحاد إلى مرضٍ مزمن. لكن التأثيرات الاقتصادية للجائحة بالنسبة للعديد من البلدان، كما تشير بعض الأبحاث الجديدة، ستستمر لفترة أطول من المتوقع. تسلط النمذجة الرياضية التي أجرتها مؤسسة أوكسفورد إيكونوميكس للاستشارات الاقتصادية ضوءاً جديداً على الآثار الدائمة لجائحة كورونا. تتنبأ أبحاث مؤسسة اوكسفورد بالدول الأكثر عرضة للتأثيرات الاقتصادية طويلة الأمد، وأي البلدان التي قد تتعافى اولاً.

 

اعتمد الباحثون على أدلة من أزماتٍ سابقة، بما في ذلك حالات أوبئة إيبولا وسارس، وحالة الركود المالي العالمي في 2007-2009، لخلق 31 مقياس للضعف الاقتصادي، تغطي مجالات عديدة مثل هيكلية الاقتصاد، ونمو الناتج المحلي الإجمالي، وثقة المستهلك. توقع الباحثون من خلال النماذج التي بنوها أن الأسواق الناشئة، في المتوسط​، ستعاني على المدى الطويل أكثر من الاقتصادات المتقدمة. يميل أهم المؤشرات المنفردة للأذى الاقتصادي، انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال فترة الجائحة، إلى أن يكون أكبر في الاقتصادات المتقدمة. لكن عوامل أخرى، مثل جمود سوق العمل، والقيود المفروضة على الدعم المالي، تهدد الأسواق الناشئة بشكلٍ أكثر.

 

مع ذلك، فإن التمييز بين الاقتصادات الناشئة والمتقدمة يخفي اختلافات كبيرة: تشير بيانات الفلبين والهند، على سبيل المثال، إلى توقع نسب نمو قاتمة بشكلٍ خاص، في حين من المتوقع أن يكون أداء الصين والبرازيل أفضل. احتلت الفلبين المرتبة الأسوأ بشكلٍ عام في الدراسة إلى حدٍ كبير بسبب ظروف وقوانين سوق العمل فيها، مع ارتفاع معدلات البطالة ونقص المهارات، واعتماد الاقتصاد على السياحة. من بين الاقتصادات المتقدمة، يعتقد الباحثون أن بريطانيا، وإسبانيا، وفرنسا ستستغرق وقتاً أطول للعودة للنمو من أستراليا، والسويد، والولايات المتحدة.

 

من ناحية التحليل على المستوى الإقليمي، تتمتع منطقة الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية بأسوأ احتمالات التعافي، تليها أفريقيا عن قرب. تمثل منطقة أمريكا الشمالية المنطقة الأقل هشاشة، بفضل قلة الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي بشكلٍ نسبي وحزم التحفيز المالي القوية. تحتل بلدان أوروبية المراكز العشرة الأدنى للاقتصادات المتقدمة على مؤشر مؤسسة أكسفورد إيكونوميكس للأداء الاقتصادي، لكن هناك تباينات إقليمية أيضاً. على سبيل المثال، صُنفت فرنسا كواحدة من أكثر الدول ضعفاً في الدراسة، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكلٍ ضعيف وانخفاض ثقة المستهلك، بينما حققت ألمانيا المجاورة نتائج جيدة في كلا المجالين.

 

بالإضافة إلى تحديد سبب تعافي بعض البلدان بسرعة أكبر من غيرها، اقترحت نتائج البحث وسائل عملية لكيفية استعداد الحكومات بشكلٍ أفضل لصدماتٍ مستقبلية. على سبيل المثال، قد تنظر بعض الأسواق الناشئة إلى التنويع الاقتصادي بعيداً عن السياحة، في حين يمكن أن تقلل الاقتصادات المتقدمة من اعتمادها على صناعة الضيافة من أجل دفع الاستهلاك المحلي. هناك أيضاً سبب للتفاؤل: خلال فترات انتشار الأوبئة السابقة، انخفض متوسط ​​النمو بمقدار ثلاث نقاط مئوية في البلدان المتضررة أثناء الأزمات، لكن بعد ذلك كان النمو أفضل قليلاً من متوسط ​​الخمس سنوات قبل حدوث الأزمة. بمعنى آخر، هناك مجال للارتداد والعودة، لكن سيكون الارتداد أعلى في بعض الاقتصادات من البعض الآخر.

 

استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة ولاية كنساس، الولايات المتحدة الأمريكية.


مشاهدات 1661
أضيف 2021/04/01 - 11:44 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 18969 الشهر 65535 الكلي 7978086
الوقت الآن
الخميس 2024/4/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير