وكالة الإقتصاد نيوز

تعقيب على مقالة الدكتور مظهر محمد صالح «الدوال المنقلبة في سوق الصرف الموازي في العراق»
علي عبد الكاظم دعدوش


اطلعت على مقال الدكتور مظهر محمد صالح المنشور في شبكة الاقتصاديين العراقيين، تحت عنوان "الدوال المنقلبة في سوق الصرف الموازي في العراق المنشور في الخامس من شهر كانون الثاني 2020، اذ يعد سعر الصرف متغيرا حاسما في اقتصاديات الدول باعتباره المحرك للعملة فلكل دولة عملتها الخاصة تستعملها في عمليات الدفع الداخلية ، وتستعملها كذلك في عمليات الدفع الخارجية عندما تقوم بعلاقات تجارية أو مالية بين دولتين ، او ما بين كبار المستوردين (الشركات ) بين دولتين مختلفتين ، وان التحولات الاقتصادية والسياسية الاخيرة التي جرت في العراق لاسيما بعد ان اقرت السلطة التنفيذية سعر صرف جديد في الموازنة العامة بلغ 1450 دينار لكل دولار ، وبعد عدة ايام من وصول الموازنة العامة الى البرلمان العراقي للتصويت عليها ، حصلت بين هذه الفترة مضاربات – وتحصل – في اسعار الصرف الموازي ، تداولت الكثير من الاحاديث مع كبار التجار والمستوردين لمختلف السلع (الاستهلاكية وغيرها ) ، فوجدنا قرابة (80%) راضون بالسعر الجديد للبنك المركزي ، اذ ان الكثير منهم لديهم مشتريات سلعية ( تبادل تجاري ) مع تجار الدول المجاورة وغيرهم مثل (تركيا ومصر وايران والصين الخ) وهي مشتريات متفق عليها بخصوص كمية السلع و اسعارها ، فمنهم من وصلت بضاعته ومنهم من ينتظر وصولها وقد تم بالفعل تحويل ( تسديد ) نصف اقل او اكثر من مبالغ السلع المشتراة (المستوردة) ، ومنهم من لم يسدد بعد ولديه فائض سيولة دولاريه بالسعر القديم او اكثر حين بلغ 1300 للدولار بداية الصدمة .

 اما (20%) من بقية التجار فمنهم من يتعامل بالآجل - عملية التسديد - وهذا قد تأثر بشكل كبير جراء صدمة ارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار ومنهم من يحاول ان يتدارك اوضاعه من خلال عمليات بيع سلعته ( البضاعة المستوردة ) واستلام مستحقاته المالية بنقطتين او ثلاث فوق سعر السوق الموازي مما يتيح له عملية الاستمرار في التجارة والبيع والشراء وعدم خسارة مكانته والخروج من السوق ، ومنهم من يحاول الاتفاق او اعادة الاتفاق مع الدائنين من تجار ( شركات ) البلدان الاخرى بحكم علاقته كونه عميل ومستورد قديم معه ، بالتالي يخفض من اسعار السلع المستوردة ليصبح لديه هامش يغطي به عملية ارتفاع سعر الدولار - مع شراء كمية من الدولارات بأسعار السوق الموازي حال الانخفاض بفعل المضاربات التي تحصل كل يوم - وعليه فان الاوضاع الاقتصادية في الاسواق المحلية في حال من شبه التضخم الركودي الحاصل من التخوف من ارتفاع الاسعار للسلع المستوردة والمحلية على حد سواء يقابله تكدس (خزن) السلع والبضائع من قبل المستوردين تحسبا لاي صدمة اخرى تحدث في المستقبل القريب .

 ان عملية خلق الغلاف العازل من قبل السوق الموازي (المستوردين وكبار التجار) ما هي الا رد فعل مباشرة كإجراء مناهض لارتفاع سعر الصرف المركزي للدولار مقابل الدينار ، لاسيما من (20%) الذين تأثروا بشكل مباشر جراء الصدمة الرسمية للصرف المركزي ، وان عملية التعويم – غير الرسمية – في السوق الموازي قد خلقت شيء من الايجابية في التعاملات الخارجية والمحلية لعمليات البيع والشراء ، مما قاد الى استدامتها وهبوط الطلب الاجمالي على الدولار المركزي بنحو (80%) من معدلات الطلب اليومية قبل تاريخ 19 كانون الاول الماضي .

  عود على ذي بدء ، اتفق مع السيد المستشار المالي على ما اسفر من عوامل ثلاثة حاكمة اساسية خلال تطور مسار انقلاب دوال العرض والطلب في السوق الموازي (اللامركزي) والسوق الرسمي (المركزي) ، لكن السؤال الاهم ماذا لو تم تعويم قيمة العملة ؟ وما هي عواقب سعر الصرف الجديد على المشاريع الاستثمارية (شبه المنجزة او التي تم الاتفاق على انجازها ) ؟ وما تأثيره على اصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة وبقية الفئات الهشة (العاطلين والفقراء) ؟ ولأهمية هذا الموضوع سأعرض المقترحات الاتية :-

1- ان عملية تعويم العملة ومراقبة البنك المركزي على حالات العرض والطلب (الارتفاع والانخفاض) سيؤدي الى حالة من الاستقرار المهم في الاقتصاد العراقي – لاسيما على مستوى عمليات البيع والشراء بشكل مباشر – هذه الحالة التي يقف فيها البنك المركزي كموقف رجل (شرطي) المرور ستنعكس بشكل ايجابي على واقع السوق الموازي وربما يستقر سعر الصرف ما بين (1300 – 1350 ) للدولار الواحد ، مما يخلق دعامة اقتصادية متوازنة – مع عملية تشجيع الصناعات المحلية – بين الاستيراد والتصدير .

2- ان عملية معالجة المشاريع الاستثمارية في البلد يجب ان تعنى بدعم حكومي كبير لاسيما وان العراق يحتاج الى عملية بناء لأغلب البنى التحتية في مجال القطاعات الانتاجية الصناعية والزراعية وغيرها لتنويع القاعدة الانتاجية بعيدا عن الريعية في الاقتصاد ، وعليه فان ادراج فقرات تصب في خدمة المستثمرين في الموازنة العامة سيكون ذا اثر ايجابي على واقع الاقتصاد العراقي ، خصوصا للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم – القصيرة الامد – والابقاء على سماحات ضريبية منخفضة لعام او عامين للمشاريع الاستثمارية الكبرى كأقصى مدة .

3- زيادة مفردات البطاقة التموينية من السلع المحلية الصنع ، اذ تفرض وزارة المالية التعاقد حتما بين وزارة التجارة والوزارات المعنية (المختصة) لرفد البطاقة التموينية بأربعة مواد على الاقل (استهلاكية) وبدون مقابل مادي (بصورة مجانية) من قبل المواطنين ، الامر الذي سيخلق شيء من اعادة القوة للدينار العراقي كما يسهم في تقليل السلع المشابه المستوردة من قبل القطاع الخاص او العام ، فضلا عن اعادة النشاط الى الاقتصاد العراقي ولو بصورة تدريجية .

 في الختام ان القرار الفيصل في اعادة النشاط الاقتصادي وبروز ظاهرة الانتعاش في اقرار الموازنة العامة من قبل البرلمان بغض النظر عن تعديل سعر الصرف الجديد ام الابقاء عليه ، ( ولا ننسى ان كمية الدولارات في الاسواق الموازية على وشك النفاذ بحلول بداية الاسبوع الثاني من الشهر القادم كأقصى حد مما يعني ضرورة تجنب حدوث صدمة اخرى تعصف بالاقتصاد العراقي ) ، اذ ان عملية المصادقة من قبل البرلمان ستحسم بعد ان يقابلها تخفيض (تعديلات) في النفقات التشغيلية وغيرها كما حدث في الاقتراض الاخير من الحكومة .

 

* باحث وكاتب اقتصادي .


مشاهدات 2011
أضيف 2021/01/05 - 6:05 PM
تحديث 2024/04/25 - 4:10 AM

طباعة
www.Economy-News.Net