وكالة الإقتصاد نيوز

نوار السعدي: ليس من مصلحة العراق تعويم عملته
د. نوار السعدي ـ استاذ الاقتصاد الدولي


الاقتصاد نيوز ـ بغداد

قال الاقتصادي نوار السعدي، إن تعويم الدينار العراقي خطأ كبير في هذه الفترة، لان ذلك سيضر كثيراً بالفقراء واصحاب الدخل المحدود.

واضاف في لقاء تابعته "الاقتصاد نيوز"، أن "الازمة المالية في العراق هي نتاج لمشاكل واخطاء أقتصادية أمتدت من 40 سنة ولغاية الان"..

وجاء الحوار كالآتي:

هل تعتقدون أن الازمة المالية العراقية خطيرة جدا وستسبب بمشاكل اجتماعية في حال استمرارها؟

ألازمة الحالية هي نتاج لمشاكل واخطاء أقتصادية أمتدت من 40 سنة ولغاية الان فالعراق منذ 1980 وهو يعاني من انحدار في الخط البياني للأقتصاد بسبب تسخير الاقتصاد لخدمة السلطات وليس لخدمة المصلحة العامة ادى ذلك الى أستنزاف موارده المالية في شراء الاسلحة والعقوبات الاقتصادية وسداد الديون ..الخ.

لذا فأن الوضع الحالي هو ليس بالشيء الجديد لان الاقتصاد العراقي مع اي أنخفاض يحصل في أسعار النفط، يضع الحكومة أمام اختبار صعب في إمكانية تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين، كون الأزمة المالية لا تزال قائمة دون حلول حكومية تذكر, إذ بات الاقتصاد يعتاش على مصدر وحيد للدخل في سلعة أولية تتلاعب بها أمواج عاتية في الأسواق الدولية.

اما عن المشاكل الاجتماعية فقد تركت اجراءات الحكومات المتعاقبة حمى الحرمان واللاعدالة الاجتماعيين نتيجة لعدم ادراك أهمية إدارة الاقتصاد وفق أنساق علمية وموضوعية سليمة. سببت فجوة اجتماعية كبيرة في انعدام الطبقة الوسطى وخلق جيل كبير من العاطلين عن العمل الذي يصعب احتوائهم في القطاع العام الهرم والذي يعاني من ترهل كبير, في العراق سنويا يدخل اكثر من 100 الف شخص الى سوق العمل لم والحكومة الان عاجزه في احتواء ربع هذا العدد, فااذا لم تكون هنالك حلول جذرية وسريعة لتدارك الوضع حتما العراق مقبل على انهيار مجتمعي واقتصادي خطير.

ما هو رأيك بالورقة الإصلاحية التي بدأ وزير المالية العمل عليها؟

بصراحة حتى الان لم اطلع على بنود (الورقه البيضاء) كما اطلق لانها غير معلنة حتى الان بشكل واضح ولم يصادق عليها في مجلس النواب بعد, لكن اتوقع ستكون وفق شروط البنك الدولي الذي يأكد دائما على تخفيض الرواتب والنفقات والهدر العام. حسب كلام السيد وزير المالية أن الورقة البيضاء تنفذ على مدى ثلاث سنوات لإصلاح الوضع المالي والاقتصادي في البلاد وان الورقة تتضمن أيضا نقاطاً إصلاحية تنفذ على المدى البعيد ،ومواد إصلاحية أخرى يجب أن تطبق في جولات التراخيص ،والإتفاق النفطي مع أوبك باعتبار أن الوضع الاقتصادي العالمي قد اختلف عن السابق، لكن حتى الان هذا كله كلام ولا اعرف مدى الجدية في تطبيقة في ظل هذه الصراعات والانقسامات الداخلية سياسيا.

هل تعتقد ان إقليم كردستان سيلتزم بالاتفاق الاقتصادي حول النفط والإيرادات المالية؟

المشاكل بين بغداد وأربيل، هي منذ سنوات طويلة، وعلى رأسها ملف إدارة الثروة النفطية وتقسيم إيراداتها، والمناطق المتنازع عليها بين الجانبين. لكن في الشهر الماضي وصل وفد رفيع من إقليم كردستان إلى بغداد لاستئناف المباحثات مع الحكومة الاتحادية بشأن الخلافات العالقة، وخاصة ملفي النفط والإيرادات المالية. وأن الاتفاق تمحور في الغالب على تسليم الإقليم كمية من النفط الخام مقابل إرسال بغداد حصته من الموازنة المالية الاتحادية. لذا أعتقد هذه المرة ستكون المفاوضات ايجابية بشأن الالتزام الاقتصادي حيث ظهرإقليم كردستان كداعم رئيسي لتولي الكاظمي رئاسة الحكومة العراقية، الأمر الذي قد يساهم في ردم الفجوات بين بغداد وأربيل، ويهيئ الأجواء للتوصل إلى اتفاقات، مما يؤكد على ذلك هو نجاح اتفاق سنجار الاخير بين الطرفين وعودة النازحين الى ديارهم.

لماذا العراق لا يستطع تفعيل صناعته وهل هناك دول تقف عائقا امام ذلك؟

بات واضحا اليوم لجميع العراقيين ان ملف الصناعة في العراق هو سياسي اكثر مما هو اقتصادي يعني المشكلة ليست في نقص الموارد المادية او البشرية, لكن هناك مشاكل سياسة وتتدخلات من دول اقليمية تقف امام عجلة تنمية القطاع الصناعي, لكون أن العراق كان من ابرز البلدان في المنطقة التي اعتمدت على الصناعة الغذائية كمنتوجات الالبان وصناعة الزيوت النباتية ووو..الخ لتحقيق اكتفائه الذاتي. اليوم تعاني معامل هذه الصناعات من إنتاج منخفض وضعف النوعية إذا ما قورنت بالمستورد كالإيراني والتركي الذي ملىء الاسواق المحلية بشكل كبيرحيث يصل حجم الاستيرادات لهذه المنتوجات لمليارات الدولارات سنويا.

بالاضافة الى ذلك هناك ايضا أسباب اخرى منها  الفساد المالي في الوزرات اضعّف الانتاج الصناعي، والاستيراد العشوائي وغياب الرقابة عن المنتج والجودة. وايضا عدم تسليط الضوء في دعم المهن والحرف الصناعية، أضافة الى انخفاض الاجور للعاملين في هذا القطاع، ولا ننسى ايضا الحروب التي شهدها الشارع العراقي كانت مسؤولة عن اغلاق اكبر المصانع.

هل تؤيدون تعويم الدينار خلال المرحلة الحالية؟

المطالبة في تعويم الدينار خطا كبير لأن الفقراء سيدفعون الثمن. وليس من مصلحة النظام المالي العراقي رفع سعر صرف الدولارلانه سيؤدي إلى انخفاض سعر الدينار العراقي وانخفاض القوى الشرائية وسيؤدي الى التضخم، وأن الطبقات ذات الدخل المحدود واصحاب الرواتب سيكونان اول المتضررين من هذا القرار.

في عملية حسابية بسيطة اذ اذا كان 100 دولار= 120000 دينار بعد التعويم سيكون  =150000دينار في أقل تقدير وبالتالي لوكان راتبك 600000 دينار تكون قيمته الحقيقية 400000 دينار هذا يسمى انخفاض الدخل الحقيقي في وقت بقي الدخل النقدي ثابتا.. ستقل كمية السلع و الخدمات التي تستطيع الحصول عليها او المعتاد على شرائها وهنا يؤدي إلى ارتفاع حجم التضخم بشكل كبير مع وجود باقي المشاكل الحاليه مثل مواجهة كورونا والبطاله وسوء الخدمات والتحديات الأمنيه والديون كلها تؤدي إلى انهيار اقتصادي كامل.

هل الفساد ام سوء الإدارة وراء عدم انتهاء ازمة الكهرباء؟

الاثنان مع بعض الفساد وسوء الادارة حيث مع كل أزمة صيف في قطاع الكهرباء، تنهال الوعود الحكومية وتتعهد بتحسن الأوضاع في الصيف اللاحق غير أن ما يحدث فعليا هو إضافة بعض الحلول الترقيعية التي لا يرى العراقيون أثرا لها، وهذا ما يؤكد إن ما يعانيه العراق فعليا ليس نقصا في مجال توليد الطاقة الكهربائية بل فسادا ماليا وإداريا. لأن الفساد المالي مرتبط في عقود بالأموال التي أنفقت على قطاع الكهرباء والكوميشنات وغيرها، اما الفساد ألاداري يتمثل في أبسط صوره وهي أن العديد من المدراء العامين والفنيون والمهندسين في الوزارة لا يزالون في المنصب طيلة هذه السنوات رغم الفشل الكبير في قطاع الكهرباء وأن المبالغ المالية التي صرفت على هذا القطاع (من الصيانة ونصب المحطات) تقدر بـ35 مليار دولار، إضافة إلى 30 مليار دولار أخرى كنفقات تشغيلية هذه الارقام تعادل موازنات بلدان مجاورة لعامين كالأردن ولبنان.

ما هو تفسيركم لظاهرة وجود ملايين الموظفين في القطاع العام؟

حقيقة لم اجد تفسير لظاهرة تعبئة ملايين الموظفين في القطاع العام وهو قطاع عقيم وغيرمنتج. على الرغم  تصدحت حناجر الباحثين والمختصين حول هذا الموضوع ولم يكن هناك من مستجيب الى ان وصل الحال الان هناك اكثر من 6 مليون ونص موظف مع المتقاعدين يتاقضون الرواتب من خزانة الدولة وتستهلك من الميزانية 65%. الجميع في هذا الموضوع يتحدث عن تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص, لكن لايمكن حل الموضوع بهذا الشكل فقط وانما بإيجاد السياسات الاقتصادية والوسائل الإجرائية الفاعلة لمعالجة مشاكل وحاجات المجتمع من خلال فتح اقسام علمية جديدة تتناسب مع سوق العمل الحديث وتوفير بيئة مناسبة للاستمثار والاهم من هذا هو الاستقرار في القوانين والتشريعات وتوفير الامن والحماية لاصحاب روؤس الاموال.

لماذا الدولة لا تهتم بالقطاع الخاص والعاملين معه من خلال تفعيل ضمان اجتماعي لهم ؟

هناك محاولات من قبل بعض النواب حول تفعيل قانون الضمان الاجتماعي لكن حتى الان لم يصدر شيء والسبب وراء ذلك هو صراع الاحزاب في ما بينهم للحصول على المكاسب الشخصية اكثر من الاهتمام في المصلحة العامة. انعكست هذه الخلافات سلبا على جميع مفاصل الاقتصاد العراقي رغم ان قانون الضمان الاجتماعي مهم جداً، لأنه سيضمن تشغيل شريحة كبيرة من العاطلين، كما سيضمن للعاملين في القطاع الخاص الراتب التقاعدي، ما سيبعد شبح التعيينات الذي بات حلم جميع الشباب في القطاع الحكومي.

اقتصادياً، كيف تصف العلاقات العراقية الكويتية؟

العراق والكويت يمتلكون فرصة تاريخية لتكوين علاقات أقتصادية كبيرة جدا في المنطقة لوجود روابط مشتركة عديدة بين الشعبين منها المصاهرة واللغة والقومية والدين وصلة القرابة والحدود ... والخ, لكن للأسف هذه العلاقة لم تكن بمستوى هذه الروابط , ولأسباب سياسية قديمة ومعروفة وللاسف أيضا لم تستطيع الحكومات العراقية بعد 2003 تصحيح مسار هذه العلاقة رغم ان هناك كانت خطوة جيدة من قبل حكومة الكويت في المؤتمر الداعم للاقتصاد العراقي, لكن سرعان ما عادت هذه العلاقه الى تسوء بسبب دورالكويت في تعطيل العمل في ميناء الفاو لدعم ميناء مبارك ان يكون الاكثر هيمنة على التجارة الدولية في المنطقة. لذا من الضروري جدا ان يكون هناك مفاوضات من البلدين لتعزيز اواصرالعلاقة الاقتصادية وتحقيق الفائدة الممكنة للطرفين.


مشاهدات 5209
أضيف 2020/10/18 - 1:27 PM
تحديث 2024/03/28 - 12:16 PM

طباعة
www.Economy-News.Net