الاقتصاد نيوز ـ بغداد
انقسم العراقيون بشأن دعوات بعض السياسيين لإبرام صفقات مع الشخصيات الفاسدة، التي سرقت أموال المشاريع والموازنات التشغيلية في البلد، تتمثل بإرجاع نسبة تصل إلى 90% من الأموال المسروقة مقابل إسقاط جميع الدعاوى القضائية والملاحقات الدولية بحقهم.
ويقدر حجم الفساد في العراق بنحو 300 مليار دولار، إذ توقف أكثر من 4 آلاف مشروع، بحسب وزارة التخطيط، نتيجة سرقة الأموال المخصصة لها بعد سحب سلف مالية دون أي عمل يذكر أو بإنجاز محدود جدا.
يحتل العراق المرتبة 162 من أصل 180 بلد في مؤشرات الفساد بمنظمة الشفافية الدولية، وهو السادس عربيا، ويستفحل الفساد فيه بالرغم من امتلاكه أجهزة رقابية منها المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، وهيئة النزاهة ولجنة النزاهة النيابية، وديوان الرقابة المالية، والادعاء العام بالإضافة إلى مكاتب المفتشين العموميين التي ألغيت العام الماضي بقرار برلماني.
ويشهد العراق مظاهرات كبيرة منذ عام 2011 وحتى الآن، تطالب بمحاربة الفساد إلا أن الأمر ما زال دون حلول جذرية، ولا توجد رغبة سياسية في محاربته؛ لأن أغلب الفساد المستشري في العراق يغطى سياسيا.
قدم عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر مؤخرا مقترحا لإعادة الأموال العراقية المسروقة تتمثل بإعادة 90% منها إلى خزينة الدولة مقابل إسقاط التهم عنهم، وقال إن "إعادة الأموال المنهوبة مسار صحيح ندعمه، في حال كان هناك خطوات جدية من الحكومة إزاء هذا الملف، على أن تحمل تأكيدا فعليا من المتهمين بسرقة المال العام بإعادة 80 إلى 90 بالمئة من الأموال التي بحوزتهم إلى خزينة الدولة".
وأوضح كوجر أن "إعادة المتهمين الجزء الأكبر من الأموال التي بحوزتهم، من أجل إسقاط التهم المرفوعة عليهم هي إشارة ندم يشعرون بها"، لافتا إلى أن "الأمر يبقى مرهونا بنية المتهمين بإعادة الأموال لخزينة الدولة".
لكن هذا المقترح واجه سيلا من الانتقادات من قبل المختصين بموضوع النزاهة، باعتباره حبل نجاة للفاسدين وضياع جهود كبيرة للمؤسسات التي تحارب الفساد في العراق.
ورد رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي على هذه الدعوة، خلال زيارته لأميركا وتحديدا عند لقائه برجال الأعمال، قائلا إن الحكومة أجرت محادثات مع عدد من المؤسسات القانونية العالمية لتعقب الفاسدين وصفقات الفساد وتحميل المسؤولية لكل من تلاعب بأموال الدولة، موضحا أن الحكومة تعمل على إعادة النظر بالتشريعات لسد الثغرات التي تسمح للفاسدين باستغلالها.
وأصبح العراق بيئة طاردة للمستثمرين بسبب الفساد المستشري في مفاصل الدولة، ويتعرض المستثمر إلى الابتزاز وتهديد بالقتل في حال عدم منحه أموال لبعض الجهات السياسية والحزبية والمسلحة.
علق عضو لجنة النزاهة النيابية جواد الساعدي على هذه الدعوة، قائلاً: إنها "تمثل تأييدا لسارقي المال ودفاعا عنهم، وليست منطقا عقلانيا لمحاربة الفساد"، مشيرا إلى أن "الأموال المسروقة هي ملك لجميع العراقيين، وليست ملكا لهذا الشخص أو جهة سياسية معينة، وبالتالي يجب أن تعاد كلها، ويعاقب الفاسد".
ونوه الساعدي إلى أن "لجنة النزاهة أحالت قبل أيام 10 ملفات فساد إلى الجهات المختصة تتعلق بهدر المال العام"، مشيرا إلى أن "الفساد آفة كبيرة تضر بالبلد وعلى الجميع دعم الجهات المختصة للقضاء عليها".
من جهة أخرى، قال رئيس مؤسسة النهرين لدعم الشفافية والنزاهة في العراق محمد رحيم، إن "الهدف من وراء إطلاق هذه الدعوات، هو إعادة الأموال المحتجزة للفاسدين في البلدان الأخرى إلى العراق، ومن ثم سرقتها من الدولة العراقية مرة أخرى تحت ضغوط سياسية"، مؤكدا أن "هذه طريقة من التلاعب تمارسها بعض الجهات الفاسدة في العراق".
وبين أن "بعض الجيوش الإلكترونية بدأت مؤخرا تدعم هذا الاتجاه"، معتبرا أن "استحواذ الفاسدين على نسبة 10% تعني ملايين الدولارات من أصل الأموال المنهوبة".
وأوضح أن "هذه الدعوة بحاجة إلى تشريع قانوني خصوصا أن الحكومة لديها إرادة قوية لمحاربة الفساد، والعمل على استرداد هذه الأموال".
المصدر: الجزيرة نت