تشير المعلومات والتصريحات الإعلامية ان مجلس النواب العراقي مازال مصرا على أن تقدم الحكومة خطتها للإصلاح الاقتصادي الشامل للمرحلة المقبلة بصيغة قانون للإصلاح الاقتصادي يرفع للمجلس خلال ٦٠ يوما انقضى اكثر من نصفها.
كما تشير المعلومات ان خلية الإصلاح المالي المشكلة في مجلس الوزراء تعمل منذ شهرين على وضع الخطط والدراسات وتناقش الأسس والملاحظات الرئيسية لتجاوز الأزمة الاقتصادية وإعداد موازنة ٢٠٢١ وتحاول رسم خطتها للإصلاح الاقتصادي تنفيذا لطلب مجلس النواب.
اني اعتقد ان قيام الحكومة بتشكيل خلية للإصلاح الاقتصادي بهدف عرض ومناقشة ودراسة مشكلات العراق الاقتصادية وإيجاد الحلول والمعالجات الناجزة للإصلاح الجذري والشامل لابد أن يعتمد تجربة البنك المركزي العراقي أثناء الصدمتين الاقتصادية والأمنية مابعد عام ٢٠١٥ والتي اثبت نجاحها في دعم الاقتصاد الوطني وإسناده في تجاوز أزمة هبوط أسعار النفط عالميا واحتلال داعش لثلث مساحة العراق مابعدمنتصف ٢٠١٤.
واستمرار البنك المركزي العراقي على المنهج الذي يسير علية في تحفيز الاقتصاد الوطني خلال السنوات ٢٠١٦‐٢٠٢٠ وفقا لاستراتيجيته وبناء قدرات وتطوير القطاع المصرفي من أجل انتقالة إلى الدور التنموي والمساهمة في تمويل مشاريع الاستثمار والأعمار وإلى الاستمرار في المحافظة على استقرار سعر الصرف باعتباره المنجز الأساسي لتطبيقات السياسة النقدية واحد أهدافها المهمة والذي له انعكاسات ايجابية على تنشيط الاقتصاد وتحقيق الاستقرار في النظام النقدي والنظام المالي مستندا إلى العمل على دعوة الحكومة الى تنويع مصادر الايرادات وعدم الاعتماد على النفط كمورد أساسي للايرادات وعدم تشجيع ودعم الإنتاج المحلي سيؤدي حتما إلى استمرار البنك بعرض بيع الدولار وفقا لقانونه لان السبب هو ليس العرض وإنما الطلب على الدولار للأسباب أعلاه.
كما يتطلب من الحكومة الاستفادة من استراتيجية البنك للسنوات الخمسة المقبلة لتنفيذ ٢١ مشروعا لتطوير وتنمية العمل المصرفي بعد أن استطاع أن يحقق أغلب الأهداف الرئيسية والفرعية لاستراتيجيته الأولى للسنوات (٢٠١٦‐٢٠٢٠) مما أصبح من الممكن أن يبدأ البداية العملية لتحقيق كامل أهداف السياسة النقدية والانتقال إلى مصاف البنوك العالمية الرصينه بشهادة المنظمات المالية العالمية المتخصصة.
وان من المشاريع المصرفية الاستراتيجية والتي تم تحديد أهدافها وأثرها المستقبلي وفقا لبرنامج زمني لكل مشروع تنحصر فترات التنفيذ والوصول للهدف خلال السنوات (٢٠١٩‐٢٠٢٣) هي مشاريع تطويرية ذات علاقة بتحقيق الشمول المالي كتوطين الرواتب ومشاريع إعادة الثقة بالقطاع المصرفي كمشروع شركة ضمان الودائع ومشاريع للتطوير الهيكلي والإداري والقانوني كمشروع دليل الحوكمه ومشاريع للتدريب والتأهيل وبناء القدرات وتصنيف المصارف ومشاريع للانتقال بالمصارف من دور الصيرفة إلى المساهمة بالتنمية كمشروع التمويل الإسلامي المجمع.
ولابد من الإشارة هنا أنه بالرغم من أن البنك قد بدأ بالتخطيط لهذه المشاريع منذ ٢٠١٦ ولكنه يلتزم أيضا بما ورد بالمنهاج الحكومي قدر تعلق الأمر بالقطاع المصرفي وبما استهدفته خطة التنمية الوطنية (٢٠١٨‐٢٠٢٢) ورؤية العراق لعام ٢٠٣٠.
ان تأكيد البنك المركزي على العمل وفقا للمنهج الذي يعتمده لتحقيق الإصلاح الاقتصادي منذ عام ٢٠١٥ هو ترسيخ لحقيقة واقعة هي ان البنك المركزي وإدارته الحالية يجسد نقطة مضيئة في بيئة اقتصادية غير مستقرة لأسباب ذاتية وموضوعية أبرز نتائجها تجربة البنك المركزي في دعم الاقتصاد الوطني مع محافظته على وظائفه واهدافه المحددة في قانونه، ومساهمته في تحقيق الصمود الاقتصادي وتعزيز النصر الحاسم على الارهاب.
اضافة الى النتائج المتحققة على نطاق تطبيقات السياسة النقدية داخليا واقناع المنظمات المالية العالمية واهمها التقارير الرسمية الصادرة عنها توكد نجاح سياسة البنك المركزي في تحقيق انتقالة مهمة للاقتصاد العراقي. إضافة الى مساهماتة ومبادراتة المتعددة لتنشيط الدورة الاقتصادية وتعزيز السيولة لدى المصارف والتوصل الى اعادة مد الجسور التنسيقية بين السياستين المالية والنقدية واقتراح سياسات اقتصادية وبنيوية جديدة لاعداد الموازنات العامة للسنوات المقبلة على اساس البرامج وليس البنود ومحاولات اعادة الثقة بالجهاز المصرفي.
لقد اثبت البنك المركزي قدرته الواضحة على التفاعل وتحليل معوقات العمل وخلق الظروف لتجاوز التحديات، وبسبب الجهود الاستثنائية التي قام بها البنك واخرها اعادة خصم ٨ تريليون دينار لغرض تمويل وتمكين الحكومة لتسديد رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية. أدعو الحكومة ان يتفاعلوا مع النقاط والتجارب المضيئة للبنك المركزي ويغنوها بافكارهم ورؤاهم ومقترحاتهم لبناء اقتصاد وطني متين.
* مستشار اقتصادي ومصرفي