عمّال الحضارة الأوائل.. كيف بنوا وكيف اضطهدوا ؟
د. علي السعدي

بناة الحضارة هم ضحيتها

العمال يبنون - والطغاة يهدمون

أرباب الأكَيكَي صمموا مدينة

أرباب الأكَيكَي صنعوا قوالب الآجر

أرباب الأنوناكي بنوا مدينة كَيش

ذلك النشيد السومري الذي يصف بناء (كَيش) أول مدينة بعد الطوفان، كان أول من ذكر (العمال) في اشارة الى ماقاموا به من عمل سيترك بصماته على مسار الحضارة برمتها.

"الأكَيكَي" عامل البناء وممهد الأرض لتصبح طرقاً معبدّة، الذي ابتدأ حياته حرّاً يتقاضى أجراً لقاء جهده، سيتحول في الحضارات اللاحقة الى "عبد" سلبت حريته واستغلت أعماله، ليبقى عرضة للاضطهاد ورمزاً للعوز والفقر، بل والقتل كذلك.

مرّت عصور وتوالت أزمنة ،قبل أن تنتج الثورة الصناعية الكبرى في ماسمي بعصور النهضة في أوربا، تلك المصانع بآلاتها العملاقة، ماجعل الرأسمالية المالكة لتلك المصانع، تزداد نهماً للمزيد من الربح، فكدح العمّال حتى أصبحوا جزء من الآلة ذاتها التي التهمت أجساد العديدين منهم.

عمال وفلاحون زيت المصانع وملح الأرض، تلك هي الثنائية التي قامت على اكتافها الحضارة، وفي عصور لاحقة، امتلك الفلاحون بعض حقوقهم وحصلوا على أرض خاصّة بهم، أما العمال فلم يكن لديهم سوى قوة أجسادهم ليبيعوها جهدا فوق طاقة البشر، وكان لابد لذلك الاستغلال المريع ان يضبط.

في الأول من أيار 1886 نظم عمال شيكاغو اضراباً عاماًّ شارك فيه مئات الالاف من العمال مطالبين بتخفيض ساعات العمل الى 8 ساعات، وكانت نتيجة ذلك شلل في الحركة الاقتصادية، فحدثت مصادمات دامية بين الشرطة والمتظاهرين، ما حدا بالرئيس الأمريكي آنذاك كليفلاند الى اجراء مصالحة مع العمّال خشية تفاقم الأوضاع، وهكذا تم تشريع عيد العمال بجعله عطلة وطنية بعد تصويت الكونغرس.

لكن مازال العمال وقود الحضارة ،ومازال استغلالهم قائماً بكل صوره  وأشكاله، ـ وكانوا أول من تضرر من أزمة كورونا- كما تضرر من كل الحروب.

(*) قصة (سنمار) البنّاء العراقي الذي صمم وبنى قصر الخورنق، وقال عنه إنه قائم على حجر واحد لايعرفه غيره، اذا نزع سينهار القصر بأكمله، فقتله النعمان بن المنذر كي لايبنى غيره.

الأنوناكي: أرباب الأرض المباركون من السماء.


مشاهدات 1086
أضيف 2020/05/01 - 6:04 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 13234 الشهر 65535 الكلي 7995349
الوقت الآن
الجمعة 2024/4/26 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير