وكالة الإقتصاد نيوز

تحوّل اقتصادي لسكان الإمارات مطلع العام الجديد.. الضرائب بانتظارهم


الاقتصاد نيوز ـ بغداد:

أسابيع تفصل الإماراتيين، والمقيمين كذلك، عن أحد أكثر التغيرات الاقتصادية قسوةً في بلد عاشت سنواتها الماضية في رفاهية "غير مشروطة" وبلا ضرائب.

في الأول من كانون الثاني 2018 ربما لن يحتفل سكان الإمارات برأس السنة الجديدة بسعادة على غرار الأعوام المنصرمة، فضريبة القيمة المضافة 5% بانتظارهم، لتوفر 12 مليار درهم في السنة الأولى و 20 ملياراً في السنة الثانية، حسبما أعلن سلطان المنصوري، وزير الاقتصاد الإماراتي.

وضريبة القيمة المضافة VAT هي ضريبة استهلاك تفرض في كل مرحلة من مراحل الإنتاج ثم في مرحلة البيع، وتعرف في بعض الدول بـ"ضريبة السلع والخدمات"، وقد فرضتها المملكة المتحدة لأول مرة عام 1973 بنسبة 75%، ووصلت 83% في العام التالي.

لماذا الآن؟

فيما تسعى الإمارات لخفض الإعانات التي تقدمها للشركات في إمدادات الكهرباء والغاز والمياه لتشجيعها على ترشيد الاستهلاك الذي تزايد أخيراً بدرجة كبيرة، تبدو "الضرائب" الممثلة في ضريبة القيمة المضافة وضريبة الاستهلاك، فرصتها الأكبر في تنويع موارد الدولة في ظل استمرار انخفاض أسعار النفط، مصدر دخلها الرئيسي.

علامَ تفرض؟

برغم عدم نشر اللائحة التي أقرها مجلس الوزراء، فمن الواضح من تصريحات المسؤولين الإماراتيين أن جميع السلع والخدمات ستخضع لضريبة القيمة المضافة، ما عدا 100 سلعة وخدمة، مثل السلع الغذائية الأساسية، والتعليم والخدمات الطبية والنقل العام والعقارات السكنية وليس التجارية.

أي أن الضريبة تشمل البنزين والديزل والسيارات والملابس والألكترونيات، وحتى تجار البيع بالتجزئة عبر الإنترنت. لكن لا إشارة، إلى الآن، على فرض رسوم على دخول الأشخاص.

كذلك تخضع بعض الفئات لتصنيف "صفر ضريبة" مثل شركات الطيران والذهب والمعادن، ما يعني أن قيمة الضريبة المفروضة عليها قد تزيد في المستقبل.

وخلال عرضه للائحة التنفيذية لقانون الإجراءات الضريبية، أوضح خالد البستاني، مدير عام مصلحة الضرائب الاتحادية، أن أي سلعة أو خدمة غير مدرجة في اللائحة تحت بند "معفى" أو "صفر ضريبة"، سيخضع للضريبة بقيمتها القياسية.

لافتاً إلى أن الشركات التي تتجاوز القيمة الإجمالية لإمداداتها الخاضعة للضريبة 375.000 درهم على مدى اثني عشر شهراً الماضية ستكون ملزمة بدفع الضريبة.

ويرى ديفيد دالي، المحاسب القانوني والشريك في شركة أرجنت الخليج للاستشارات، أن الأمر ليس واضحاً بعد، بل إنه معقد؛ فالرسوم الدراسية لن تخضع للضريبة، ما عدا الزي المدرسي.

من الأكثر تأثراً؟

برغم توقع تقرير للبنك الدولي أن التأثير المرتقب للتضخم يراوح بين 0,5 و 0,6 %، يرى الخبراء أن هذه الضريبة ستسبب بزيادة تكلفة المعيشة بنسبة 2.5%، بينما يراوح التضخم في مستوى المعيشة بحسب بنك أبو ظبي التجاري بين 2,7 و 3,7%.

علماً أن أكثر من ثلثي التجار، 69% بحسب استبيان لـ The National، يدافعون عن فرض الضريبة بل يعتبرونها "خطوة في سبيل التنمية تأخرت طويلاً".

يؤكد جيرمي كاب، محامي الضرائب في سكوير باتون بوجز، أن ضريبة القيمة المضافة ستؤثر على الأفراد والأسر الأكثر فقراً، مشدداً على أنه من غير المعقول فرض أي ضريبة، مهما قلٰت قيمتها، على جميع المنتجات الغذائية كالبرغر والكعك والآيس كريم، التي تخرج عن تصنيف "السلع الغذائية الأساسية" إلى "سلع ترفيهية" في نظر الدولة، ولا يمكن تصور تخلي العائلات عنها.

"نسبة 5% قليلة بالطبع، وربما لن يشعر بها المستهلك عند شراء ملابس أو سيارة أو ما شابه، لكن إذا تخيّلنا إضافة القيمة ذاتها إلى كل عبوة مشروبات غازية أو على التبغ والآيس كريم والكعك، فإنه موازنة الفرد ستتأثر بكل تأكيد، خاصة إذا كان معتاداً شراءها كل يوم"، يضيف كاب.

وينصح المحامي، الذي يطالب بنشر اللائحة بالسرعة القصوى لتقديم نصائح إرشادية للشركات والمستهلكين لتخفيف حدة تأثرهم بها، الجميع بشراء أكبر قدر ممكن من السلع الغذائية نهاية ديسمبر، أي قبل بدء تطبيق الضريبة.

تبعات فرض الضريبة

لا شك أن الشركات سترفع أسعار المنتجات لتعويض قيمة الضريبة، وهنا ربما يبدأ المستهلك في البحث عن بدائل للمنتج لا تخضع للضريبة.

في المقابل، يفرض إقرار قانون الإجراءات الضريبية لأول مرة في الإمارات تطبيق إجراءات جديدة، منها اتباع نظام محاسبي وفوترة يلزم الشركات والمحال بتسجيل عمليات البيع بدقة، وتوظيف محاسب قانوني أو محامي ضرائب، والاستعداد الدائم لمراجعة ملفاتها المالية من قبل الجهات الرسمية.

كما يسمح القانون بفرض عقوبات رادعة على المتلاعبين والمتهربين من الضرائب تصل للسجن وفرض غرامات تصل ل 5 أضعاف قيمة الضريبة المفروضة.

وهذا ما دفع وزارة المالية لتخصيص قسم على موقعها على الإنترنت، لشرح ضريبة القيمة المضافة وتقديم الإرشادات العملية بشأن كيفية تطبيقها.

هل هناك عوامل طمأنة؟

في المقابل، يرى بعض المؤيدين، منهم دينيش كانابار، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس بشركة وس دروفا كونسولتانتس، إحدى أهم الشركات الاستشارات الضريبية في دبي، أن هناك 3 عوامل تطمئن الجميع بشأن الضريبة الجديدة.

أولها في نظر كانابار أن قيمة الضريبة قليلة مقارنة بالعديد من دول العالم، التي تصل بها الضريبة إلى 20 %، وثانيها إعفاء مجموعة من السلع والخدمات المهمة من الضريبة كالتعليم والخدمات الطبية والنقل العام والعقارات السكنية وغيرها.

أما العامل الثالث فهو تصنيف مجموعة من العناصر بـ"صفر ضريبة" مثل شركات الطيران والمعادن والذهب.

معلومات مهمة

أولاً، الإمارات ثاني دول مجلس التعاون لتطبيق هذه الضريبة عقب السعودية، التي سبق أن نشرت اللائحة الخاصة بها في يونيو الماضي، وتبدأ تنفيذها بالنسبة ذاتها وفي الموعد ذاته.

ثانياً، تلتزم بقية دول مجلس التعاون، الأربع دول الباقية، عقب التوقيع على مشروع قانون الضريبة المضافة إلى القيمة، بتطبيق الضريبة ذاتها قبل نهاية 2019، كجزء من التدابير الرامية إلى دعم الإيرادات الحكومية وتنويعها في إطار تكيف اقتصاداتها مع انخفاض سعر النفط.

ثالثاً، بدأت الإمارات في تطبيق "ضريبة إنتاج" بنسبة 100 % على منتجات التبغ ومشروبات الطاقة، و 50 % على المشروبات السكرية مطلع أكتوبر2017، وقد وصفها البعض بـ"ضريبة الخطيئة"، أي أنها تفرض على المنتجات الضارة بالصحة أو الأخلاق.

يُشار إلى أن صندوق النقد الدولي لفت إلى أن تنفيذ ضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاون الخليجي ربما يتأخر بسبب التنسيق ومتطلبات العمل التحضيرية اللازمة لإدخال التعريفة في بداية عام 2018.

وسبق أن تنبأ الصندوق، في أكتوبر 2015، بمواجهة دول الخليج عجزاً مالياً مشتركاً بين عامي 2015 و 2019 يتجاوز 700 مليار دولار إذا لم تقم بـ"إصلاحات" وتنوع مواردها.


مشاهدات 3437
أضيف 2017/11/11 - 5:24 PM
تحديث 2024/03/29 - 7:42 AM

طباعة
www.Economy-News.Net