صندوق النقد : لا انعكاس كافياً لزخم الاقتصاد العالمي على دول الشرق الاوسط

الاقتصاد نيوز _ بغداد

اعتبر صندوق النقد الدولي أن زخم الاقتصاد العالمي "لم ينعكس في شكل كاف على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان، التي حققت معدلات نمو متواضعة قُدرت بـ2.6 في المئة هذه السنة، منها 1.7 في المئة في الدول المصدرة و4.3 في المئة في الدول المستوردة للنفط". ويُعزى ذلك إلى "استمرار تباطؤ الأسعار والمعوقات الجيوسياسية غير المساعدة والصعوبات المالية".
 ولا يُستبعد أن "يرتفع متوسط معدلات النمو في المنطقة إلى 3.5 في المئة عام 2018، بفعل تحسن أسعار الطاقة ومواصلة الإصلاحات والتعافي الماكرو اقتصادي".
ويُرتقب أن يتعافى النمو في المنطقة العربية  "ليبلغ 4.4 في المئة على المدى المتوسط، ويرتفع إلى 5.3 في المئة كمتوسط بين عامي 2019 - 2022 في الدول المستورة للطاقة، بفضل تحسن الطلب الداخلي ونمو الصادرات وانتعاش اقتصادات منطقة اليورو والدول الناشئة والإصلاحات الهيكلية المتخذة". لكن تلك المعدلات على رغم اختلافها من منطقة إلى أخرى "لن تكون كافية لاحتواء أعداد العاطلين من العمل وملايين الباحثين عن وظائف، والذين سيدخلون إلى سوق العمل في السنوات المقبلة".
وأعلن مدير دائرة الشرق الأوسط ووسط آسيا في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، رداً على أسئلة "الحياة" خلال ندوة صحافية في الرباط، أن المنطقة العربية "تحتاج إلى نمو يتراوح بين 6 و6.5 في المئة من الناتج على مدى متواصل، لامتصاص بطالة ملايين الشباب الباحث عن عمل". ولفت إلى أن "الموارد البشرية المتعلمة والمؤهلة تمثل أهم ثروة تملكها دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي غير متوافرة في مناطق أخرى من العالم"، مشدداً على ضرورة الاستفادة من طاقاتها وخبراتها، خصوصاً أن 60 في المئة من سكان المنطقة هم من الشباب ويتمتعون بمستوى عال من التعامل مع التكنولوجيات الحديثة".
وكشف أزعور عن أن "حوالى 25 مليون شخص يبحثون عن عمل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يدخلون إلى سوق العمل سنوياً، وهو عدد ضخم من الكفاءات قد يساعد على رفع الإنتاجية وتحسين التنافسية الاقتصادية المطلوبة لزيادة النمو". ورأى أن المنطقة "تحتاج إلى مزيد من الإصلاحات في مجال مناخ الأعمال والشفافية والحكومة ومعالجة العجز المالي، وتحسين جودة الخدمات وخفض المديونية المرتفعة في بعض الدول". وشدد على أن معالجة الخلل المالي (الموازنة والحساب الجاري)، "شرط ضروري يجب تحقيقه لتجنب صعوبات عالمية محتملة، قد ترفع أسعار الفائدة وتزيد كلفة الدين وشروط الاقتراض".
وأفاد تقرير الصندوق بأن "عجز المالية العامة تراجع من 6.8 في المئة من الناتج إلى 5.6 في المئة العام المقبل، في الدول المستوردة الطاقةَ". وتوقع أن تنخفض مستويات الدين عام 2022 "نتيجة الضبط المالي"، وهو أحد شروط زيادة معدلات النمو وتحسين كفاءة الاستثمارات العامة وتوجيه الإنفاق الاجتماعي. وكانت تلك النفقات تستخدم لتمويل دعم الأسعار، وهي التجربة التي انطلقت من بعض دول شمال أفريقيا مثل مصر والمغرب الذي خفض قيمة دعم الأسعار من خمسة بلايين دولار عام 2012 إلى 1.4 بليون في العام المقبل. وتراجع العجز المالي في المغرب من 7.5 إلى 3 في المئة في أربع وخمس سنوات، وتقلّص العجز الخارجي من 9.5 إلى 2.2 في المئة متوقعة العام المقبل".
ولا تزال الأخطار الجيوسياسية راجحة في المناطق المحاذية للنزاعات (سورية والعراق)، ما يزيد في الصعوبات الاقتصادية لدول الجوار، ويحدّ من فرص النمو والتدفقات الاستثمارية الخارجية. ويعتقد صندوق النقد أن "عدم الاستقرار الأمني السياسي والاجتماعي، هو أحد العناصر السلبية في المنطقة، ويضرّ بمصالح الدول المجاورة لتلك الصراعات وتتأثر اقتصاداتها سلباً، إذ بلغ عدد النازحين 54 في المئة من المهجرين عبر العالم".
وفي المقابل، تتوافر في المنطقة شروط التقدم الموجودة في مناطق أخرى في الدول الصاعدة، ما يجعل غالبية دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مرشحة لتحقيق نمو مرتفع وتحسن في الحسابات المالية ورقي اجتماعي، وتنوع في مصادر الدخل وزيادة في التنافسية الاقتصادية على المدى المتوسط.
وتحتاج المنطقة إلى اعتماد نمو استيعابي لإدماج الفئات الهشة والمهمشة وإشراكها في منافع النمو الاقتصادي. ويُحضّر حالياً لتنظيم مؤتمر عالمي في مراكش مطلع العام المقبل، للبحث في صيغ النمو المدمج وهو نوع من التصور الجديد للدور الاجتماعي للأداء الاقتصادي، لتحقيق مزيد من التوازن الاجتماعي بعد التمكن من تجاوز التوازن الماكرو اقتصادي، خصوصاً أن بعض الإصلاحات التي كان يوصي بها صندوق النقد انعكس أثاره سلباً على الفئات الفقيرة والضعيفة في المنطقة، ومنها الشباب والمرأة وسكان الأرياف والعمال والمزارعون.
وأثنى صندوق النقد على أداء الإصلاحات الاقتصادية في المغرب، واعتبر أنها حققت كثيراً من أهدافها في المجال الماكرو اقتصادي. لكن تحتاج إلى مواصلة إصلاحات منتظرة في مجال تحرير سعر الصرف، وزيادة المناعة الاقتصادية والتنافسية والإنتاجية، وتحسين مناخ الأعمال، للاستفادة من نتائج الإصلاحات على المستوى الدولي والزخم الاقتصادي العالمي وعودة النمو إلى الاقتصادات المجاورة في منطقة اليورو.

 


مشاهدات 1287
أضيف 2017/11/05 - 11:28 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 10714 الشهر 65535 الكلي 7992829
الوقت الآن
الجمعة 2024/4/26 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير