تقارير دولية تتحدث عن أسباب التراجع الأخير لأسعار النفط

الاقتصاد نيوز _ بغداد

ذكرت تقارير صحفية أن تداعيات إعصاري "هارفي" و"إرما" في الولايات المتحدة التي قادت إلى خسائر أسبوعية تجاوزت 3 في المائة في الأسبوع الماضي، أديا إلى ضعف مستويات الطلب العالمي على النفط بسبب إغلاق المصافي وتراجع أسعار الخام واشتعال أسعار الوقود خاصة البنزين.

وفي تقرير نشرته صحيفة "الاقتصادية" الدولية، تداول تحليل عميق لمكونات هذا الطلب وفرص نمو قطاعاته المختلفة، أوضح المهندس "بيرت ويكيرينك" مدير أنظمة التشغيل في شركة "كيوا" الهولندية، أنه "عادة ما تتسبب العوامل الجيوسياسية وأيضا الكوارث الطبيعية في اشتعال أسعار النفط، ولكن إعصاري هارفي وإرما تسببا على العكس فى خسائر فادحة في الأسعار بلغت 3 في المائة خلال الأسبوع الماضي، فقط بسبب تعطل مصافي النفط الذ أدى إلى تراجع واسع في مستوى الطلب على النفط ، إلى جانب عوامل نفسية أخرى تسببت في التخوف من النفط واللجوء للاستثمار في الذهب كملاذ آمن مما رفع أسعار الذهب بشكل كبير".

وقالت "شيكاكو إشيجورو"، عضو الفريق البحثي في شركة "أوساكا" للغاز، إن "الانخفاض الحاد في الطلب على النفط يرجع إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في عديد من الدول الكبرى والتذبذبات المستمرة في أداء الاقتصاد الصيني وهو ثاني أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم."

كما ذكرت المحللة الروسية والمختصة في التحكيم الاقتصادي، نينا أنيجبوجو، أن تخمة المعروض من النفط ما زالت باقية رغم تقييد الإنتاج لعدد مؤثر من المنتجين، كما أن أغلب المنتجين يسعون حثيثا نحو التحول نحو الاقتصاد المتنوع وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر أوحد للاقتصاد والتحرك في سياسات موازية نحو تنمية موارد الطاقة المتجددة خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وعلى الصعيد ذاته، أشار تقرير "أويل برايس" الدولي، إلى أن الطلب العالمي على النفط ينتج عن عدد من القطاعات المختلفة في الاقتصاد العالمي ويتأثر كل منها بمختلف الاتجاهات الاقتصادية الدولية، مبينا أن الطلب الحالي على النفط يحتاج أولا إلى توضيح مكوناته الرئيسة قبل وضع توقعات مستقبلية له أو تحليل المتغيرات بشأنه.

وبحسب بيانات صادرة عن وكالة الطاقة الدولية، فإن أكبر محرك للطلب على النفط في الوقت الحالي هو قطاع النقل، حيث إن النقل مسؤول عن نسبة نحو 56 في المائة من إجمالي الطلب على النفط - أي نحو 52 مليون برميل يوميا في عام 2015- ويحل ثانيا، الطلب الصناعي من صناعات مثل الحديد والصلب وإنتاج الأسمنت والبناء والتعدين، التي تشكل معا 15 في المائة من الطلب العالمي على النفط الخام - أو 14 مليون برميل يوميا. 

وأضاف التقرير أن البتروكيماويات جاءت فى المرتبة الثالثة حيث إنها مسؤولة عن 12 في المائة من الطلب العالمي على النفط - أو 11 مليون برميل يوميا-، فيما يحل رابعا توليد الطاقة بنسبة 6 في المائة - أو 6 ملايين برميل يوميا، أما نسبة الـ 11 في المائة المتبقية من الطلب العالمي، أو10 ملايين برميل يوميا، فتأتي من مجموعة من الصناعات المختلفة مثل الزراعة والقار ومواد التشحيم.

كما أشار التقرير الدولي إلى أن النقل يعد بالفعل أكبر محرك دولي للطلب على النفط ولكن لا يمكن اعتباره بأي حال من الأحوال مجموعة متجانسة لأنه يتألف من قطاعات متعددة ومتباينة في نظم عملها.

وأوضح التقرير أن السيارات الخاصة في مقدمة مصادر الطلب على النفط الخام في قطاع النقل، تليها الشاحنات التجارية ثم قطاع الطيران، ولذلك فإن التنبؤ بمستويات الطلب العالمي على النفط يتطلب تحليلا دقيقا لأداء كل قطاع. ولفت التقرير إلى أنه من المرجح أن يستمر العدد الإجمالي للمركبات الخفيفة في الارتفاع ولا سيما في دول مثل الصين والهند إلا أن التقديرات تتباين بشأن المدى الزمني الذي يمكن خلاله تحقق زيادة الطلب على النفط الخام.

وذكر التقرير أنه بسبب زيادة الضغوط والتشديدات الدولية للحد من الانبعاثات شهدت كفاءة وقود سيارات الركاب تحسنا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، ارتفع متوسط استهلاك الوقود من 20.8 مليون جالون في عام 2008 إلى 25.1 مليون جالون في عام 2017 أي بزيادة قدرها 25 في المائة على الرغم من الاتجاه نحو زيادة الاعتماد على السيارات الأكبر حجما بين المستهلكين وليس هناك ما يدعو إلى افتراض أنه في وقت ما في المستقبل القريب سينتهي هذا الاتجاه فجأة.

ونبه التقرير إلى تقديرات أطلقها بنك "جولدمان ساكس" يحذر فيها من أن الطلب العالمي على النفط قد وصل أو يقترب من مستوى الذروة مرجحا حدوث زيادة تدريجية في حصة السيارات الكهربائية في قطاع النقل العالمي مشيرا إلى أن المعدات الكهربائية الأساسية يمكن أن تلبي احتياجات النقل للمستهلكين بطريقة تفوق ما هي عليه المركبات التقليدية التي تعتمد على الاحتراق الداخلي. ونوه التقرير إلى أن السيارات الكهربائية تتميز بقدرات أكبر على التسارع والتباطؤ بسلاسة أكبر كما أنها تحتاج إلى صيانة بسيطة أقل بكثير من السيارات التقليدية علاوة على انخفاض التلوث البيئي والضوضاء.

وبحسب التقرير فإنه بحلول منتصف عام 2020 من المتوقع أن تتحسن كثيرا تكنولوجيا السيارات الكهربائية وهو ما يجعلها أرخص فى إنتاجها ومن ثم تتفوق المركبات الكهربائية على مستوى التكاليف بشكل شامل وتصبح الخيار المفضل للمستهلكين في معظم أنحاء العالم. ويرى التقرير أنه من المثير للاهتمام أن الدولتين اللتين من المتوقع منهما قيادة النمو في الطلب على الطاقة التقليدية لأغراض واحتياجات قطاع النقل على مستوى العالم وهما الصين والهند، هما أيضا في الوقت نفسه الدولتان اللتان تسعيان حثيثا إلى التوسع في الاعتماد على المركبات الكهربائية بأقصى قدر من القوة.

وبالنسبة لقطاع الطيران، فقد أفاد التقرير بأن الطيران يمثل نقطة مضيئة عندما يتعلق الأمر بمستقبل الطلب على النفط حيث من المتوقع أن يتضاعف الطلب في هذا القطاع خلال العقدين القادمين، مضيفا أنه من المرجح أن يكون النمو في أوروبا بطيئا مقارنة ببقية مناطق العالم وذلك بنسبة 2.5 في المائة سنويا وستضيف منطقة آسيا- الباسيفيك الكثير إلى مستويات الطلب على النفط لتلبية زيادة حركة الطيران حيث يتوقع أن تضيف الصين 817 مليون راكب سنويا بحلول عام 2035، والهند 322 مليونا، وإندونيسيا 135 مليونا، وفيتنام 112 مليونا، ومن المتوقع أن تضيف الولايات المتحدة 484 مليون راكب سنويا بحلول عام 2035.

وشدد التقرير على أنه من غير المتوقع أن تتم كهربة قطاع الطيران (الطائرة الكهربائية أو طائرة الطاقة الشمسية) قبل 20 عاما على الأقل، وذلك يعني أن نمو الطيران سيكون محركا قويا لنمو الطلب على النفط. ولفت التقرير الدولي إلى استفادة الطلب العالمي على النفط لأغراض النقل البحري كثيرا على مدى عقود طويلة ماضية من اتجاه العولمة مشيرا إلى أنه منذ خمسينيات القرن العشرين كان معدل نمو التجارة الدولية على الدوام تقريبا ضعف نمو النشاط الاقتصادي ككل وفي الفترة بين عامي 2000 و 2008، ارتفعت التجارة العالمية بمعدل 5.4 في المائة سنويا، في حين ارتفع النشاط الاقتصادي بنسبة 3 في المائة فقط وهكذا، شهد النقل البحري نموا هائلا. وأبرز التقرير تحذيرا صدر عن صندوق النقد الدولي قبل عامين أشار فيه إلى أن آفاق النمو العالمي في الطلب على النفط لأغراض النقل البحري هي في أحسن الأحوال "متوسطة" معتبرا أن هذا الأمر من شأنه أن يقوض بشكل خطير قدرة قطاع النقل البحري على مواصلة دفع الطلب على النفط نحو مزيد من النمو والصعود.

وبالنسبة لدور الصناعات الثقيلة في التأثير في مستويات الطلب على النفط، فقد أوضح التقرير أن اتفاق باريس بشأن مكافحة تغير المناخ يمثل تحديا كبيرا للصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة مثل الصلب والألمنيوم والأسمنت والورق موضحا أنه من أجل تحقيق الأهداف المحددة في اتفاق باريس سيتعين على هذه الصناعات أن تتحول من "أنواع الوقود الكربوني الأعلى" مثل الفحم والنفط إلى الغاز الطبيعي، وأن تنفذ في الوقت نفسه تكنولوجيات جديدة تحسن كثيرا من كفاءة استخدام الطاقة للوصول إلى مستوى انبعاثات "صفر الكربون" على الرغم من أن الهيدروجين أو الكهرباء المتجددة لا تعد بالفعل بدائل واقعية بعد.

وفيما يخص اتجاهات قطاع البتروكيماويات، ذكر التقرير أنه على مدى السنوات الـ 50 الماضية زاد استخدام البلاستيك عشرين ضعفا حيث يرتبط ارتباطا وثيقا بالنمو الاقتصادي، وإذا استمر هذا الاتجاه فإن استخدام اللدائن سيتضاعف مرة أخرى في السنوات العشرين المقبلة، وهو ما يؤدي إلى زيادة الطلب على كل من الغاز الطبيعي والمنتجات النفطية المكررة (النفتا والغاز المسال). من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، فقد هبطت أسعار الخام الأمريكي أكثر من 3 في المائة في ختام تعاملات الأسبوع المنصرم بفعل المخاوف من تضرر الطلب على الطاقة بشدة في الوقت الذي يتجه فيه الإعصار إرما، أحد أقوى الأعاصير في قرن، صوب فلوريدا وجنوب شرق الولايات المتحدة.


مشاهدات 2263
أضيف 2017/09/10 - 12:31 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 11903 الشهر 65535 الكلي 7655843
الوقت الآن
الجمعة 2024/3/29 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير