ياسر المتولي

 تطلق مفردة السوق السوداء على الاسعار المضاعفة التي فرضت على اي منتج خارج التسعيرة الرسمية ، وعن فرق اسعار صرف الدولار تطلق مفردة مهذبة تدعى السعر التجاري او سعر السوق.
ولكن في سنوات ازمة المحروقات التي ولت من بضع سنين اطلق المفكر الاقتصادي العراقي الراحل د. اسماعيل عبيد حمادي عندما سألته في حينها عن اسباب ارتفاع اسعار المحروقات بنزين ،نفط ابيض  والغاز السائل  باسعار مضاعفة عن السعر الرسمي ان هذا الفرق في الاسعار يطلق عليه اقتصاديا.
"كلفة الانتظار " بسبب الزحام الذي ينشأ امام محطات تعبئة الوقود والذي يضطر الناس الى الانتظار لساعات طويلة قد تصل لاكثر من 24 ساعة  فكان البعض يفضل الشراء من الباعة المنتشرين على امتداد شوارع العاصمة باسعار مضاعفة مفضلاً الدفع عن الانتظار لساعات طويلة .
كلفة الانتظار هذه التي يطلق عليها السوق السوداء كانت لها مزايا مقابل العيوب يتم من خلالها توفيرت  فرص عمل  لطوابير العاطلين عن العمل فكان غض النظر عنها كظاهرة غير صحية مبرراً لهذا السبب اي فرص عمل مؤقتة للعاطلين.
هذه الاحجية تقودنا للبحث والتفكير في كيفية معالجة طوابير البطالة لعدم توفر فرص للعمل واقتصارها على التعيينات المركزية التي غصت للحد الذي لاتحتمل الدولة على استيعاب المزيد من الموظفين.
وظاهرة التعيين المركزي هذه موروثة من النظام السابق لحصر الاعمال والتوظيف بيد الدولة وللامتيازات التي تمنحها للموظفين كالتقاعد، وقطعة ارض سكنية واجازات مضمونة الراتب كرست ثقافة التعويل على الدولة بهذا الخصوص واستمرت الى اليوم. 
نعتقد ان هذه الامتيازات بسيطة التنفيذ في القطاع الخاص اذاضمنت الدولة قوانين ملزمة بهذا الجانب وذلك مرهون ايضا باطلاق العنان للقطاع الخاص لقيادة الملف الاقتصادي شريطة مراقبة الدولة والتخطيط والتدخل اينما وجدت الحاجة مع الزام القطاع الخاص باستيعاب النسب العظمى من البطالة وهنا تبرز اهمية كلفة الانتظار من قبل المواطنين الذين وصلوا الى القناعة بالتنازل عن ثقافة التعويل على الدولة في كل شيء ومنها فرص العمل.
هناك اشارات من قبل الحكومة تبعث بالامل لتحقيق هذا المنجز من خلال حزمة الاصلاحات الاقتصادية التي اخذت طريقها للتنفيذ والتي تكللت بتبني الستراتيجيات المهمة ومن بينها ستراتيجية القطاع الخاص وتقديمه لهذه المهام التي تجعل  " كلفة الانتظار " مكرسة بمفهومها الجديد لدى المواطن .