معضلة مكافحة الجريمة السيبرانية

الاقتصاد نيوز— بغداد:

هشام خالد عباس 
المدير قسم لادارة المخاطر لمصرف بابل

”المشكلة الأساسية هي أنه لا أحد من السلطات الحكومية او الامنية هو المسؤول عن تأمين الإنترنت لنا جميعا، و الإنترنت غير الآمن يمثل تهديدا للمستخدمين الفرديين فيؤثر على الأمن والسلامة الفردية والازدهار الاقتصادي . 
من المسؤول عن أمن هؤلاء؟”
يريد الجميع أن تكون بياناتهم الإلكترونية آمنة من أعين المتطفلين، ويريدون أيضا أن تكون الحكومة قادرة على القبض على المجرمين، فهل يمكن أن يتحقق كلاهما ؟
انه سؤال ذات صلة خاصة أن نطرحه في وقت تسود فيه المخاوف بشأن القرصنة الالكترونية . هل يمكننا أن نكشف منتهكي القانون دون أن نعرض الملتزمين به لخطر أكبر؟ 
في النهاية، و على سبيل المثال نفس جهاز اي فون I-Phone الذي يجعل الحياة أسهل بالنسبة للناس العاديين هو أيضا يجعل الحياة أسهل للمجرمين.
لقد وصف المحامي في مقاطعة (مانهاتن سايروس فانس) نظام تشغيل اي فون بأنه “ضمان وبرهان “، قائلا ان المجرمين يستخدمون الأجهزة – المشفرة بشكل افتراضي – لصالحهم. 
ففي إحدى الحالات، نقل عن أحد السجناء وصفه لهاتف اي فون بأنه “هدية من الله”. Gift From God
الجانب الديني مسألة قابلة للنقاش، ولكن ليس هناك شك في أنه عندما يتعلق الأمر باختيار كسر الأمن السيبراني للمجرمين دون أيضا تعريض البيانات الشخصية للناس العاديين، فإن الشيطان يكمن في التفاصيل  .
ويصدق هذا بصفة خاصة بالنظر إلى الطبيعة المتطورة للتهديد. ذلك انه حتى لو أردنا أن نمنح الحكومة إمكانية الوصول إلى جميع البيانات التي تريدها (متى وأين، ومن المتصل)، فإن التكنولوجيا تتحول من المكالمات الهاتفية إلى الرسائل النصية وغيرها من التطبيقات غير الهاتفية، وستكون البيانات التقليدية ذات فائدة محدودة في إنفاذ القانون سعيا وراء الجريمة الجنائية المستقبلة، وسيحتاج إنفاذ القانون إلى وضع استراتيجيات وأساليب تحقيق جديدة دون أن يجعلنا جميعا فريسة.
من المستحيل تقريبا تقييم القيمة النقدية الإجمالية لجميع الجرائم الإلكترونية التي تمت محاكمتها بنجاح في العالم، ناهيك عن تقدير عدد القضايا الجنائية التي كان من الممكن أن تنهار دون الوصول إلى بيانات الهاتف الذكي. ولا تنشر الجهات الرسمية هذه البيانات. ولكن، وفقا لتقرير لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية لعام 2014 بعنوان “صافي الخسائر: تقدير التكلفة العالمية للجريمة السيبرانية”، يُقدر النشاط العالمي للجريمة الإلكترونية بنحو 400 مليار دولار سنويا، فالجرمية السيبرانية تضر بالتجارة وتقلل من القدرة التنافسية وتحد من الابتكار والنمو العالمي.

تركز بعض عناصر الحكومة الفيدرالية على البحث عن المعلومات ضد عدد قليل من المجرمين المرعبين الذين لا يبدو أنهم يدركون أنهم يفعلون ذلك على حساب حقنا في الخصوصية والحماية عبر الإنترنت. وإذا كان يمكننا أن نقدر تفانيهم في هذه القضايا النبيلة، ولكن الحقيقة أن الإنترنت أصبح مرتعا للمزيد والمزيد من المعلومات الشخصية من أي وقت مضى منذ قدم ستيف جوبز أول جهاز .
منذ ذلك الحين، تطور الهاتف الذكي وصار أكثر سيطرة بكثير على حياتنا ومنازلنا ومركباتنا، وليس هناك أي مؤشر على وجود بيانات أقل في الفضاء السيبراني.
في محاولة لتحديد جوانب مثل هذه الدائرة السيبرانية، سيكون من الحكمة للحكومة أن تأخذ حلا حياديا ، الامتناع عن التسبب في ضرر للمرضى في المستشفيات .
ولا يوجد حل مماثل لجهات انفاذ القانون . وهم يؤكدون ببساطة أنهم سيؤدون مهامهم بأمانة دون أن يؤكدوا أنهم سيفعلون ذلك دون الإضرار بالمواطنين ككل.
وهذه مشكلة اليوم، ولسوف تتضاعف في السنوات القادمة مع تقدم التكنولوجيا، واتساع الفجوة بين تلك التقدمات وفهم جهات انفاذ القانون لها. وفي ظل هذه البيئة، حيث الإجرام المتولد عن انعدام الأمن ووقف المجرمين الأفراد ذوي القيمة العالية يمكن أن يحفز الجهات الرسمية على تقويض الأمن ، لا يسع المرء إلا أن يتساءل، من هو المسؤول عن أمننا؟
لقد تغير العالم. وهناك حاجة إلى نموذج جديد لضمان سلامة وأمن جميع البيانات على أساس تطبيق أمن محكم على بياناتنا. لا عودة إلى الماضي .


مشاهدات 2246
أضيف 2017/06/12 - 9:00 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 860 الشهر 65535 الكلي 7644800
الوقت الآن
الجمعة 2024/3/29 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير