القطاع الخاص مفتاح التنمية

الاقتصاد نيوز _ بغداد:




 وديع الحنظل
رئيس رابطة المصارف الخاصة العراقية

كثر الحديث عن الدورالمفترض للقطاع الخاص في العراق، بمشاركته في صنع القرار الاقتصادي ومساهمته بفاعلية في التنمية الشاملة والمستدامة، لكن للاسف لم نلمس حتى الان على ارض الواقع سوى الوعود، فلا القطاع الخاص منح الفرصة التي يستحقها، ولا حصل على الدعم الذي وعد به ، حتى ان اليأس بلغ مداه لدى البعض الى حد الاعتقاد بان القطاع الخاص العراقي لن تقوم له قائمة في ظل العقلية التي مازالت متحكمة لدى بعض صناع القرارالاقتصادي، والمنطلقة من عدم الثقة بهذا القطاع والرغبة في ابقاء دوره هامشيا.
فمن المسؤول عن ذلك ؟ هل هي الحكومة ؟ ام البرلمان ؟ ام القطاع الخاص نفسه ؟ ام الظروف الذاتية والموضوعية التي احاطت بهذا القطاع وقيدت حركته واوصلته الى ماوصل اليه من عجز شبه تام؟
وماهي مستلزمات عودة الروح الى هذا القطاع الذي كان وراء نهضة وتقدم الكثيرمن دول العالم في مقدمتها دول اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية؟
مئات القرارات والتوصيات والدراسات والمقالات اكدت اهمية القطاع الخاص وتأثيره الحالي واللاحق في مسيرة التنمية الاقتصادية في العراق ، وبخاصة في معالجة ثالوث الشر الفقر والبطالة والامية ، ومع ذلك لم نرعلى ارض الواقع خطوات عملية او خارطة طريق تفتح الابواب امام هذا القطاع كي ينهض بدوره الريادي القيادي في التنمية, ويسهم في صنع القرارالاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
وقد بادر القطاع الخاص العراقي من جانب واحد ، من منطلق شعوره بالمسؤولية الملقاة على عاتقه ، الى الاعلان عن انبثاق المنتدى الاقتصادي العراقي الذي تشكل قبل نحو عامين وضم  12 اتحادا ومنظمة تابعة لهذا القطاع ، بينها رابطة المصارف الخاصة العراقية, في خطوة جريئة وغير مسبوقة لتوحيد الجهود ورص الصفوف والدخول الى معترك العمل الاقتصادي العراقي تحت عنوان واحد ، للفت نظرالحكومة والبرلمان والمجتمع عموما الى امكانات هذا القطاع الذي يضم ملايين العراقيين العاملين في شتى مناحي الحياة الزراعية والصناعية والخدمية والحرفية.
لكن لم تأخذ هذه الخطوة الجبارة حتى الان شكلها القانوني الدستوري بسبب تمسك البعض بكياناتهم وهوياتهم الفرعية ، ما حال دون اتمام هذا المشروع الكبيرالذي مازلنا نأمل ان يشهد النور في المستقبل. وحري بنا ونحن نخوض في اسباب تراجع دورالقطاع الخاص من توجيه النقد الذاتي لانفسنا قبل غيرنا ، منطلقين من سلبيات بعض المحسوبين على هذا القطاع ومنها لهاثهم خلف مشاريع الربح السريع وعدم سعيهم لتأسيس قاعدة مادية قوية وعريضة يستطيعون من خلالها ملء الفراغ الذي نجم عن غياب القطاع العام بعد عام 2003 ، ناهيك عن الاعتماد على استيراد كل شيء من الخارج, في غياب قاعدة صناعية وزراعية وطنية قوية ، ومسايرة التوجه نحوالدولة الريعية الاستهلاكية ، فضلا عن ضعف مصادرالتمويل وعدم القدرة على المواجهة والمنافسة مع المنتوج الاجنبي والعجزعن التواصل مع المؤسسات الاقتصادية العالمية.
كل هذه العوامل وغيرها جعلت القطاع الخاص العراقي شبه عاجز، رغم وجود عوامل ذاتية وموضوعية من شأنها لو استثمرت النهوض بواقعه الحالي.
وهنا نقول لابد من مساهمة القطاع  الخاص في عملية الاصلاح الاقتصادي وفي اعمال اللجان الحكومية المختصة وفي اعداد الموازنات العامة للبلاد وفي الزيارات الخارجية لكبار المسؤولين العراقيين اسوة بكبارالمسؤولين الاجانب الذين يحرصون على اصطحاب ممثلي شركات القطاع الخاص معهم اثناء زياراتهم للدول الاخرى. ومع كل هذه السلبيات فان مشاركة القطاع الخاص في صنع القرارالاقتصادي في العراق ليست امرا صعب المنال ، ولايجب ان ينظر الى القطاع الخاص على انه غير قادر على ادارة الاقتصاد الوطني الذي اقر دستوريا. ولابد من الانفتاح عليه في اطار نظرية اقتصاد السوق التي اعدها خارطة طريق للنشاط الاقتصادي والتجاري في العراق.  
ان امام القطاع الخاص فرصا كثيرة ومساحات واسعة  للنهوض بالصناعة والزراعة والتجارة والخدمات ، ولن يتحقق ذلك الا من خلال تشكيل مجلس اقتصادي عراقي اعلى يتكون من اضلاع ثلاثة ، الحكومة ، والبرلمان ، والقطاع الخاص يتولى وضع الخطط الستراتيجية الاقتصادية والمالية العامة للبلاد ، القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى، ويرسم خارطة طريق لاخراجها من ازماتها المالية والاقتصادية ، والافادة من تجارب دول العالم التي مرت بظروف مشابهة. ويجب ان لاننسى بان من بنى اوروبا بعد الحرب العالمية ليس مشروع مارشال وحده ، وانما القطاع الخاص الاوروبي المبتكر النشط الفعال الذي قلب في بضع سنين ، دمارالحرب الى اعمار.  




mm


مشاهدات 2412
أضيف 2017/05/02 - 9:15 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 12226 الشهر 65535 الكلي 7939919
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/4/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير