السندات الوطنية والثقة المصرفية

بغداد/الاقتصاد نيوز ...

الحديث عن إصدار سندات وطنية لمعالجة مستحقات الشركات والمقاولين سيكون حديثا مثيرا للجدل، لأنه يكشف أولا عن وجود أزمة حقيقية في تمويل المشاريع، وفي تأمين مستحقات الجهات التي تُنفّذ هذه المشاريع، مثلما يثير تساؤلات حول جدية هذه الخطوة في واقع اقتصادي وسياسي مضطرب ثانيا.
وبقطع النظر عن التطمينات التي  قدمتها خلية الازمة خلال اجتماعها الأخير، والتي وجهت وزارة المالية والبنك المركزي إصدار سندات وطنية بالدينار العراقي لمعالجة مستحقات الشركات والمقاولين والمُجهزين لمؤسسات الدولة بفائدة سنوية قدرها ٥ بالمئة تكون فترة الاستحقاق بعد سنتين من تاريخ اصدارها، فإن ثقة هذه الشركات والمقاولين ستكون مسكونة للقلق، لأنها ستؤثر على المشاريع المستقبلية التي يمكن أن تُقدم عليها الجهات الحكومية، لاسيما أن أغلب المقاولين يرتبطون بمديونيات تفرضها عليهم البنوك التي يتعاملون معها.. ورغم أن توجيهات خلية الأزمة قد اعتبرت هذه السندات قابلة للتداول ويمكن استخدامها كضمانات للحصول على قروض من المصارف، وأن فائدتها السنوية  بـ ٨ بالمئة سنوياً، إلّا أن انعكاسات الأزمة الاقتصادية والعجز المالي، وتدهور اسعار النفط، وشيوع العديد من مظاهر الفساد في القطاع الاقتصادي ستكون سببا في اثارة العديد من المشكلات حول الجدية التي يمكن اعتمادها، أو التي يمكن الثقة بإجراءاتها.
إن تحديد قيمة هذه السندات بـ(مليار ونصف مليون دولار) يكشف عن وجود مشكلات خطيرة ومتفاقمة، وعن تعقيدات كبيرة ارتبطت بطبيعة المشاريع التي استنزفت الكثير من ميزانية الدولة، وهو مايلقي ضوءا حول إمكانية تأمين بيئة جديدة وصالحة للثقة مابين الشركات والجهات الرسمية، أوحتى وجود اليات تنظم العلاقة مع المصارف الأهلية، وامكانية اعتماد  قيمة هذه السندات في التعامل الثقة بها، وفي تداولها والقبول بها في التغطية المصرفية للحصول على قروض مالية من المصارف الأهلية والرسمية لتغطية مشاريع جديدة، وحتى في التشجيع عليها، لاسيما أن البنك المركزي العراقي سيدعو  المواطنين الى اقتناء هذه السندات الوطنية التي سيطرحها قريباً بدلاً من اعتمادهم على اكتناز الاموال، لأنها ستكون مصدرا لتحقيقي فوائد مالية جيدة.
الأسئلة الذي ستكون أكثر واقعية في التعاطي مع طبيعة هذا الاجراء الذي اعتمدته خلية الأزمة يتعلق بالكيفية التي ستجعل هذه السندات قابلة للتداول في سوق العراق للأوراق المالية، وهل سيقدِم عليها التجار والمضاربون دونما تردد أو خشية من مشكلات السوق العراقية التي تعاني من انكماش؟ وهل ستكون هذه الخطوة سببا حقيقيا في تحفيز النشاطات الاقتصادية، وفي توسيع مديات العمل المصرفي والقطاعات الأخرى؟
هذه الأسئلة ستكون مدعاة لمواجهة تحديات كبرى يعيشها الواقع الاقتصادي، والى ضرورة البحث عن سياقات عمل صحيحة وبعيدة عن البيروقراطية لمعالجة أزمة القطاع المصرفي والثقة به، ومواجهة واقعية لأزمة العجز المالي، لأن تراكم هذا الأزمات وفشل هذه الخطوة الانقاذية سينعكس بشكل خطير على البيئة الاقتصادية وعلى تعاملاتها في الداخل والخارج.

R

مشاهدات 1405
أضيف 2016/04/14 - 12:32 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 6793 الشهر 65535 الكلي 8013145
الوقت الآن
السبت 2024/4/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير