حق الملكية الفكرية.. التقدم والنقصان

تعرف المكتبات العراقية بثرواتها الأدبية كما يعرف العراقيين بعطائهم الفكري فلا يزال العراقيون يتصدرون إحصائيات الإنجاز الفكري رغم المعوقات والتحديات كواحد من أكثر الشعوب العربية نهماً للقراءة والثقافة والإبداع.

لم يخل هذا الواقع من العقبات والأزمات وحقوق الملكية الفكرية واحدة من ابرز ما يعانيه مجتمع الكتاب والمبدعين، فما بين السرقات الأدبية وبيع الإنتاجات الفكرية الى الإهمال الحاصل في القطاع الثقافي خلال الفترات الماضية, والتي تحسنت ببطئ لنشهد هذه الأيام قفزة قياسية تميزت عن سابقات السنين.

حيث أقيم على أرض معرض بغداد الدولي معرض الكتاب الذي شاركت فيه العديد من الدول والكتاب العالميين كما حظى بإقبال شعبي وحكومي واسع , رغم إن هذا التقدم لا ينفي الخلل في الحفاظ على الحقوق الفكرية للكتاب إلا أنه أعاد الأمل للمثقفين العراقيين نحو مستقبل أفضل.

إن أفضل الحلول المتاحة هو تشريع قوانين جديدة تحمي إنجازات الكتاب الفكرية, حيث لا يزال العراق يعتمد بشكل أساس على قانون براءات الإختراع بفقرته (ج) المادة الخمسين المعدلة من قبل مجلس قيادة الثورة المنحل سنة 1970 رغم التطور الحاصل في هذا المجال, الأمر الذي دفع العديد أصحاب الحقوق للبحث عن ملاذات بديلة لتوثيق إنجازاتهم كما دفع العديد من المطابع والمكتبات لرفض طباعة ونشر الأعمال الفكرية المستجدة تجنباً للمشاكل القانونية الناجمة عن السرقات الفكرية.

كما لا ننكر سعي وزارة الثقافة الجاد تارة والخجول تارة أخرى في حماية حقوق المؤلفين, كان اخرها الندوة الألكترونية التي اقامها المركز الوطني لحماية حق المؤلف والحقوق المجاورة والتي نوقش خلالها السياسات المتبعة للعمل في ظل الجائحة الحالية وأمور أخرى كحفظ السجلات وتسجيل الأعمال ولكنها لم تتطرق لمدى ما وصلت اليه سرقة الحقوق الفكرية في العراق، حيث تشير عدة مقالات الى ان سرقة الافكار في العراق أصحبت مشكلة لا يمكن السيطرة عليها الا بتشريع قوانين مواكبة للتطور الثقافي تحمي حق المؤلف من الضياع, كما لم تتطرق هذه الندوة لكيفية مد سبل التعاون مع وزارة التعليم العالي لحفظ أرشيفات البحوث العلمية الرصينة ونشرها, إضافة لعدم نشاط إتحاد الكتاب وإقتصار أعماله على الفعاليات الإجتماعية وتقلص قاعدته الشعبية.

إن إعادة الإهتمام بالحقوق الثقافية من الممكن أن يتيح فرص أكبر للخلق والإبداع ويعزز دور المكتبات والمطابع ويساعدهم في تجنب المشاكل الحاصلة جراء هذه الأزمة, كما يساهم في الإقتصاد العراقي بالضرائب والرسوم, حيث عبر السيد علي العسكري وهو صاحب مكتبة في محافظة بغداد عن تعذر طبع للكتاب الجدد خوفاً من المشاكل الناجمة عن السرقات الأدبية وهو أمر قد واجهه سابقا حسب تصريحه أكثر من مرة.

ويقول الدكتور محمد الربيعي في مقاله المنشور على دويتشه عربية (نستطيع القول ان الوضع لم يصل للمستوى المرجوا منذ ٢٠٠٣ وحتى اليوم، كان من الممكن تطوير الواقع الحالي بإقتباس الأساليب التي تعمل بها دول أخرى معروفة بقوة انظمتها وتشريعاتها الحامية للحقوق الفكرية و العلمية الأخرى، كالنظام البريطاني المعروف بعنايته للأفكار أو الفرنسي بالنسبة للإبداعات).

فيما يرى الدكتور فارس نحن نأمل أن يصلنا الدور لنشرع قوانين خاصة تحمي الإبداعات الفكرية وتدفع لنشر المزيد من الإنجازات العراقية, حتى يعود العراق لمكانته الطبيعية ثقافياً وحضارياً.

إن هذا السبب هو واحدة من بين أسباب أخرى قللت من دوافع الخلق والإبداع فأصحاب الملكيات الفكرية والعلمية لم يجدوا الرعاية المناسبة ولا البيئة النفسية والإجتماعية والإقتصادية المؤاتية والمحفزة للإبتكارات, إن المطلوب هو إدراج مشروع للدراسة ضمن مقترحات مجلس النواب لوضع الخطوة الأولى نحو إقرار قوانين جديدة ترفع الحيف عن فئة المثقفين.


مشاهدات 1487
أضيف 2021/05/01 - 3:57 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 15789 الشهر 65535 الكلي 7974906
الوقت الآن
الخميس 2024/4/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير