المالية النيابية تقر بصعوبة تأمين رواتب الموظفين
موظفون في إحدى دوائر التسجيل العقاري

الاقتصاد نيوز ـ بغداد:

رضخت السلطات العراقية إلى اعتبار الأزمات التي تحاصر البلاد حالة طوارئ تستدعي استخدام كل الوسائل لعبورها بأقل الخسائر، على أمل أن تتغير الأوضاع في العام المقبل.

 

وأقرت اللجنة المالية النيابية بحالة القوة القاهرة واقترحت استعانة الجهاز المالي الحكومي باحتياطي البنك المركزي لتأمين رواتب موظفي الدولة والمتقاعدين حتى نهاية العام الحالي.

 

وشددت على أن هذه الظروف الاستثنائية تفرض إيقاف جميع مخصصات وعلاوات الموظفين والمشاريع وأي موازنات صرف إضافية للوزارات والمؤسسات الحكومية.

 

ويعاني العراق من تضخم هائل في موظفي القطاع العام، حيث هربت الحكومات من الأزمات على مدى 17 عاما إلى التوظيف لتهدئة الاحتجاجات والسخط الشعبي في ظل كون الدولة المصدر الوحيد لفرص العمل بسبب شلل الاقتصاد.

 

ويقول مراقبون إن هناك ملايين الموظفين، الذين ليس لديهم موقع عمل، وأن الحكومات ضاعفت أعداد الموظفين في مؤسسات متوقفة عن العمل منذ عام 2003.

 

وتدفع الحكومة العراقية نحو 7 ملايين راتب في بلد يتراوح عدد سكانه بين 36 إلى 40 مليون نسمة، حيث لا يوجد إحصاء رسمي للسكان، وهي أعلى نسبة من الرواتب الحكومية في العالم.

 

ولا يجني العراق حاليا سوى إيرادات ضئيلة من صادرات النفط بسبب العقود المجحفة مع شركات النفط العالمية، والتي تعطيه ما يصل إلى 21 دولارا مقابل إنتاج كل برميل.

 

وقال شيروان ميرزا عضو اللجنة المالية في البرلمان إن “تأمين رواتب موظفي الدولة حتى نهاية العام الجاري دون قروض من قبل الحكومة الحالية أو التي ستتشكل، في غاية الصعوبة” في ظل أسعار النفط الحالية.

 

وأقر بعدم وجود حل سوى الاعتماد على احتياطي البنك المركزي لتأمين الرواتب حتى نهاية ديسمبر 2020. وأكد أن ذلك سيكون “وفق ضوابط تحدد من قبل مجلس الوزراء من بينها تأمين الرواتب فقط، دون أي مخصصات إضافية أو مشاريع او صرف أي أموال أخرى للوزارات”.

 

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن احتياطات العراق المالية لدى البنك المركزي تراجعت إلى 63 مليار دولار نهاية فبراير، وهي تكفي بالكاد لتغطية العجز المتوقع في الموازنة خلال العام الحالي، إذا استمرت أسعار النفط في مستوياتها الحالية.

 

وترى ميثاق الحامدي عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان أن “الحكومة قادرة على تأمين رواتب جميع الموظفين بما فيها العقود والأجر اليومي لشهري أبريل ومايو” في ظل أسعار النفط الحالية.

 

لكنها أشارت إلى أن الحكومة قد تواجه مشكلة في تأمين رواتب الموظفين خلال شهر يونيو المقبل إذا استمرت أسعار النفط العالمية بالهبوط والانهيار.

 

وأضافت أن الحكومة تبحث عن بدائل لتأمين رواتب الموظفين وقد تلجأ إلى الاقتراض الداخلي من المصارف الحكومية والأهلية، في ظل عدم وجود خطط حكومية للاقتراض الخارجي في الوقت الحالي.

 

وكشفت لجنة العمل والشؤون الاجتماعية النيابية هذا الأسبوع عن حالات توقف رواتب موظفي العقود والأجر اليومي في بعض المحافظات. وطالبت الحكومة بتسديدها.

 

ويسود تشاؤم حاد في الأوساط الرسمية والاقتصادية والشعبية بسبب اعتماد الاقتصاد شبه التام على عوائد النفط وتضخم بند الرواتب والميزانية التشغيلية.

 

وتصاعدت الانتقادات للحكومة العراقية بسبب موافقتها على خفض يزيد على مليون برميل في إنتاج النفط بموجب الاتفاق الذي أبرم مؤخرا في إطار تحالف أوبك+ ومشاركة منتجين آخرين.

 

ويقول المنتقدون إن بغداد كان يفترض أن تطالب بإعفاء من التخفيضات بسبب ظروفها الاستثنائية القاهرة.

 

وأعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الخميس عن تثبيت تصنيف العراق عند مستوى “بي سالب” لكنها عدّلت النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية.

 

وأوضحت الوكالة في تقرير، أن المخاطر السياسية لا تزال قيدا أساسيا على تصنيف العراق، إضافة إلى التداعيات الاقتصادية لتفشي فايروس كورونا.

 

وحصل العراق على أدنى مرتبة بين جميع الدول المصنفة من الوكالة، في مؤشر إدارة البنك الدولي المركب، ما يعكس حجم الفساد وعدم فعالية الحكومة وضعف المؤسسات، إلى جانب انعدام الأمن وعدم الاستقرار السياسي.

 

وتوقعت فيتش أن تتدهور المالية الخارجية للعراق بشكل حاد، مع ارتفاع عجز الحساب الجاري إلى 16 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الحالي ونحو 6 في المئة العام المقبل.

 

ورجحت تراجع احتياطات البلاد من العملات الأجنبية، بما في ذلك الذهب، إلى 25 مليار دولار بحلول نهاية 2021، أي بانخفاض يزيد على 40 مليار دولار على مدى عامين.

 

وذكرت فيتش أن تصنيف العراق تأثر بالمخاطر المصاحبة للتوترات المستمرة بين الولايات المتحدة وإيران واحتجاجات واسعة النطاق وتراجع فعالية الحكومة.

 

لكنها أشارت إلى أن تثبيت تصنيف العراق يرجع إلى المستوى العالي الحالي من الاحتياطات الدولية للعراق، وانخفاض التزامات خدمة الديون والدعم المالي الدولي.

 

وينهمك المسؤولون في الحكومة والبرلمان والبنك المركزي في البحث عن سبل لزيادة الموارد غير النفطية لمواجهة أزمة الوباء، التي تسببت بانهيار أسعار النفط. وقد عقد رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبدالمهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي اجتماعا مع محافظ البنك المركزي ووزراء ومسؤولين آخرين للبحث عن حلول للأزمة الخانقة.

 

لكن محللين يستبعدون التوصل إلى أي حلول لزيادة الإيرادات بسبب شلل الاقتصاد وتداعيات الوباء وارتفاع السخط الشعبي، الذي يعارض أي إجراءات ضريبية أو تقشفية.

 

وكرر الاجتماع الشعارات التي تؤكد على “ضرورة تعظيم موارد الدولة وتقليل الاعتماد على النفط وحماية الطبقات الاجتماعية الأضعف وتحقيق الأمن المجتمعي والغذائي والدوائي” دون تقديم تفاصيل عن طريقة تحقيق ذلك.

 

ويعتمد العراق بشكل شبه كلي على إيرادات صادرات النفط في تمويل الموازنة. وتقدر ديونه الإجمالية بنحو 139 مليار دولار.

 

ويعد العراق ثاني أكبر منتج في منظمة أوبك بعد السعودية، وينتج نحو 4.5 مليون برميل يومياً، تذهب نحو 3.5 مليون برميل يومياً منها للتصدير، وقد وافق على خفض الإنتاج بنحو 1.06 مليون برميل يوميا بموجب الاتفاق العالمي لخفض الإنتاج.

 

وأعلنت الحكومة العراقية الخميس أنها بحثت مع صندوق النقد الدولي إيقاف استيفاء الديون المترتبة على البلاد، والبالغة نحو 10 مليارات دولار خلال العام الحالي.

 

وقال علاء جلوب الفهد المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام في مجلس الوزراء “لا يوجد رد في الوقت الحاضر، كما لا توجد مطالبات بالتسديد”.

 

وأضاف أن “اقتصاد العراق غير مستقر لأنه يعتمد على النفط بنسبة 95 في المئة، وأن الخمسة في المئة الأخرى لا يمكن تحصيلها الآن لانعدام الضرائب والرسوم وغيرها”.

 

وأشار إلى أن “التحرك العراقي لا يشمل صندوق النقد الدولي فقط، وإنما إيقاف استقطاع ديون الكويت ومستحقات الجامعة العربية”.


مشاهدات 1582
أضيف 2020/04/19 - 1:12 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 11306 الشهر 65535 الكلي 7970423
الوقت الآن
الخميس 2024/4/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير