اقتصادنا مابعد كورونا

سمير النصيري

في ضوء الهلع والخوف وردود الأفعال الذي يعم دول العالم حاليا بسبب تفشي فايروس كورونا  فمنهم من وصف الوباء بأنه من صنع مختبرات الشر بفعل بشري ومنهم من وصفه بانة من جند الله تعالى لإصلاح البشرية بسبب الظلم وعدم العدالة الاجتماعية وطغيان الإنسان على أخيه الإنسان بدون واعز للدين والانتماء والإنسانية  .
وان الذي يهمنا نحن الاقتصاديين ماهي تأثيرات هذا الوباء على اقتصادنا الوطني بعد أن استطاع خلال أشهر قليلة من تغيير  خريطة النمو الاقتصادي العالمي نحو التباطؤ والهبوط السريع خصوصا في الدول الكبرى اقتصاديا والدول المنتجة للنفط .
لكني اصف هذا الوباء بالثورة الكورونية الكونية التي انطلقت من الصين لتغزوا العالم شمالا وجنوبا شرقا وغربا ولم تستثني كبيرا أو صغيرا  وهي جاءت بمبادئ
واضحة للتغيير الجذري والشامل للأنظمة  السياسية والاقتصادية والصحية والمجتمعية والتقنية وجاءت لتعالج 
وضعا من عدم العدالة والتخبط والفوضى  التي تسود  العالم في كل شيء .
وان هذه الثورة (عاصفة التغيير ) شملتنا  كبلد يعاني من مشكلات متراكمة بسبب السياسات الخاطئة في جميع المجالات وأبرزها في المجال الاقتصادي والذي تتمركز فيه جميع مشاكل العراق وبدون الاستفادة من هذه الثورة الكورونية سيبقى شعبنا يعاني لعقود قادمة خصوصا بعد أن يتغير النظام الاقتصادي العالمي باتجاه التركيز على البناء الذاتي لقدرة الدول في الدفاع عن نفسها في الأزمات بدون الاعتماد على الغير في المساعدة والتعاون  وهو المبدأ الأول الذي ستعتمده الدول بعد كورونا وهذا ماكان واضحا في دول الاتحاد الأوربي على سبيل المثال عندما أصبحت ايطاليا تقاتل كورونا منفردة وبدون تعاون ومساعدة حقيقية وسريعة من دول الاتحاد. 
إذن ماهو المطلوب من أصحاب القرار الاقتصادي في بلدنا بعد ثورة كورونا .
اني ارى وبنظرة تحليلية ثاقبة للواقع الاقتصادي للعراق أننا نحتاج وبشكل ملح إلى تغيير ثوري شامل مابعد كورونا يعتمد المحاور الأساسية التالية:-

اولا- إعادة تغيير خارطة موارد الدخل
 القومي بتخفيض الاعتماد على النفط كمورد رئيسي بتفعيل الموارد الأخرى خلال خمسة سنوات قادمة للوصول بها إلى نسبة ٣٠% والى٥٠% خلال عشرة سنوات قادمة من مجموع الموارد .

ثانيا‐التغيير بشكل جذري وشامل للسياسات الزراعية والصناعية والتجارية والنفطية والمائية باعتماد الموارد المحلية في تأمين الأمن الغذائي وتشجيع وحماية ودعم المنتج المحلي ووضع البرامج والاستراتيجيات في حماية المستهلك .

ثالثا‐دعم وتطوير وتحفيز القطاع الخاص والاستفادة من قدراته وإمكاناته ورؤوس أموالة واستثماراته في بناء الاقتصاد الوطني واشراكه في صناعة القرارات الاقتصادية وإدارة الاقتصاد.

رابعا‐ رسم استراتيجيات واضحه للتنسيق بين السياسين النقدية والمالية وإعادة أسس إعداد وعرض الموازنة العامة وفقا للمتغيرات مابعد كورونا.

خامسا‐وضع منهجية جديدة لتجاوز تحديات عدم الاستقرار في النظام المالي والنظام النقدي ويعني ذلك وضع الخطط التنسيقية والمتوازنة لتجاوز تحديات السياسة النقدية وتحديات العجز في الإيراد غير النفطي والعجز في ميزان المدفوعات .

سادسا- أعادت بناء هيكلية جديدة للجهاز الحكومي تنسجم مع تأكيد مركزية التخطيط ولامركزية التنفيذ ويشمل ذلك اعتماد نظام اقتصاد سوق صارم ومنضبط كما معمول به الآن في الصين وفق عقيدة وتجربة عراقية خاصة في البناء الاقتصادي تعتمد إمكانات العراق المادية والطبيعية والاقتصادية والبشرية .

سابعا‐وضع الأساس السليم للانتقال بالنظام الصحي في العراق من حيث عدد المستشفيات وعدد الأسرة وعدد الأطباء وذوي المهن الصحيه وصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية محليا وتطوير الخبرات وجذب الكفاءات العراقية في الخارج .
ثامنا‐الإسراع في تنفيذ برنامج الحكومة الالكترونية وتنسيقها بمنظومة الدفع الإلكتروني.


مشاهدات 1760
أضيف 2020/04/13 - 1:47 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 10836 الشهر 65535 الكلي 7873154
الوقت الآن
الخميس 2024/4/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير