تدهور اسواق النفط: آليات الحاضر واستشراف المستقبل .
مظهر محمد صالح

ترتبط اسواق النفط العالمية الراهنة بوضعين مختلفين من حالات المرونة السعرية في العرض والطلب .فالسوق الاولى وهي السوق الحقيقية ذات الصلة بالاستخراج والانتاج والتسويق والتي تتمتع بقدر عالي من اللامرونة في عرض النفط الخام تحت اي قدر من الاسعار .وفي جانب الطلب العالمي لهذه السوق الحقيقية فهو الاخر يتمتع بدرجات عالية من اللامرونة تتماثل في ذلك بخاصية سعرية تبادلية مشتركة من حيث درجة ارتباط اسعار الطلب باسعار العرض ذات الصلة بنشاط الانتاج والاستثمار في حقول الاستخراج وقطاع التصفية في العالم .وبالرغم من ذلك ترتبط مجمل هذه الحركة في سوق العرض والطلب الحقيقي مباشرة بتطورات النمو في الاقتصاد العالمي لبلوغ التوازن .لذا فان اية كميات منتجة فائضة خارج الاحتياجات المطلوبة المباشرة (بما في ذلك قدرات التخزين قبل التصفية والتحوطات الاخرى )تؤدي الى تداعيات سعرية كبيرة ينسحب اليها الجميع في تهاوي سلسلة التعاقدات القائمة على تسويق النفط وبيعه والعكس بالعكس . لذلك ارتبطت السوق النفطية العالمية في توازناتها ارتباطاً مباشرا بالنمو الحقيقي في الاقتصاد العالمي الذي يتعرض اليوم الى هبوط على المستوى السنوي ٢٠٢٠ ليبلغ ١٪؜ بدلاً من ٢،٦٪؜ بسبب ازمتي الكورونا وحرب الاسعار النفطية القائمتين. منوهين ان انتاج العالم من النفط هو قرابة ١٠٤ مليون برميل نفط في اليوم.

وبالمقابل هناك سوق ثانية ،وهي سوق token market للعقود النفطية المستقبلية تسمى بسوق المستقبليات النفطية oil future market اذ تمارس هذه السوق بالتوازي انشطة مالية نفطية اساسها التحوط hedging بعقود النفط الخام بغيةُ تعظيم فرص الربح وتجنب الخسارة من خلال المضاربة بادوات مالية مقومة بالنفط الخام كالخيارت وغيرها وتتمتع بقدر عالي من المرونة السعرية في العرض والطلب .وتتعاطى هذه السوق في الوقت نفسه بخزين نفطي فعلي يعادل كميات نفطية متوفرة لمدة اسبوع عمل او اقل من انتاج النفط العالمي. وان سوق عقودالمستقبليات كاسواق للتحوط تمتلك لوحدها عوامل المرونة السعريةالعالية كما ذكرنا في العرض والطلب على خلاف السوق الحقيقية ذلك بغية تجنب الخسائر و تحقيق عوائد ربحية مالية من استعمال ادوات التحوط hedging كعقود الخيارات والعقود الآجلة النفطية كما ذكرنا .بعبارة أخرى ،بخلاف تدني مرونات سوق الانتاج الحقيقي السعرية ، تستمد السوق النفطية للتعاقدات المستقبلية مرونتها السعرية العالية المذكورة من القدرة والسرعة في تبديل استراتيجيات التعامل المالي في تلك السوق وعلى وفق آلية ما يسمى : بتبدل المراكز change of postions . فاذا تبدلت المراكز في سوق العقود النفطية من مراكز قصيرة short postions الى مراكز طويلة long postions فان ذلك ياتي بناء على سعة التوقعات وكفاءة المعلومات المتاحة للمتعاملين لاجراء المزيد من التحوط للحفاظ على الربح وتجنب الخسارة .وبهذا تجسد سوق المستقبليات على انها سوق معلومات وان كفايتها في بلوغ اسعارها تشتق من المعلومات المتوافرة للمتعاملين فيها لتغيير مراكزهم بالسرعة الممكنة من اجل تجنب الخسارة وتعظيم الربح ثانية كما نوهنا سلفاً . وهكذا تعد سوق (نايمكس )على سبيل المثال كسوق للعقود النفطية المستقبلية المختصة بخام برنت في نيويورك Nymex واحدة من اهم الاسواق العالم في توليد دورة الاصول النفطية في نطاق مرونات السوق المالية وتقلباتها المؤثرة في نصف الكرة الغربي من العالم ، ذلك من خلال تبدل المراكز واعادة بناء توجهاتها على نطاق تسعير العمليات النفطية للعقود المستقبلية future quotation .

في حين تعد سوق طوكيو Tocom الجناح الثاني لتسعير العقود النفطية المستقبلية في نصف الكرة الشرقي من العالم .وهكذا فالمركز القصير هنا short position يعني اعادة ابتياع خيارات النفط عند اللحظة والتخلص منها بامل نزول الاسعار مستقبلاً الى قاع السعر في دورة الاصول النفطية ومن ثم اعادة شراء العقود باقل الاثمان بامل ارتفاع قيمة الاصول النفطية كرة أخرى وهي عملية تحوطية في المضاربة باسعار النفط .وهنا تتبدل المراكز الى مايسمى بالمركز الطويلlong position .فالمشكلة الراهنة في اسواق النفط اليوم تتمثل بانخفاض عميق في الطلب العالمي على النفط وهبوطه الى اقل من ٧٠ مليون برميل نفط يومياً ما ولد تخمة عرض نفطي كبيرة من نفوط الخام المتاحة و باكثر من ٣٠ مليون برميل نفط يومياً .وهي كميات زائدة معروضة للبيع باسعار منخفضة ضمن سياسة حرب الاسعار price war التي تؤدي الى تبدل الم

ختاماً،

توكد مؤشرات استشراف مستقبل تحركات الاسعار في سوق النفط ان ثمة احتمال لعودة النشاط في الاقتصاد العالمي وتحديداً بعد منتصف صيف ٢٠٢٠ وبشكل تدريجي ولاسيما بدء قطاع النقل بالتواصل والحركة لأهميته في استهلاك مواد الطاقة النفطية وبنسبة٧٠٪؜ من المشتقات النفطية المكررة من النفط الخام في العالم ،ومن ثم قد تتقلص التخمة glut في سوق النفط الى نحو ١٠ ملايين برميل يومياً بدلاً من اكثر من ٣٠ مليون برميل نفط حاليا. وان الاسعار ،وعلى وفق مؤشر برنت ،سترتفع هي الاخرى لتبلغ بحدود اعلى ولكن لا تتعدى ٣٥-٣٨دولار لبرميل النفط في ظل خزين سيظل مرتفعاً فضلاً عن استمرار تواجد عرض فائض نفطي سيكون بنحو ١٠ ملايين برميل يومياً من اصل انتاج عالمي كلي متواصل قدره ١٠٤ مليون برميل نفط يومياً كما ذكرنا .


مشاهدات 2512
أضيف 2020/03/31 - 7:07 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 15883 الشهر 65535 الكلي 7641139
الوقت الآن
الخميس 2024/3/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير