تاريخياً.. كيف تتفاعل الأسواق في أوقات الفيروسات والأمراض المتفشية؟

الاقتصاد نيوز ـ بغداد

27 يوماً كانت شاهدة على مستجدات عديدة بشأن فيروس "كورونا" مع حقيقة تفشي المرض داخل وخارج الصين، لكن من الناحية التاريخية، كيف يكون أداء الأسواق والاقتصاد في في أوقات انتشار الأوبئة؟

ويتفاعل المستثمرون مؤخراً مع التحديثات المتعلقة بانتشار المرض شبيه الالتهاب الرئوي، حيث تتوالى الأنباء حول إعلان حالات مصابة بالكورونا.

"هناك مخاوف من أن فيروس كورونا قد ينتشر سريعاً داخل الصين وخارجها، الأمر الذي قد يخلف أضراراً اقتصادية وعلى الأسواق"، بحسب ما يقوله كبير استراتيجي الاستثمار العالمي في تشارلز شواب "جيفري كلينتوب" في مذكرة نقلها موقع "ماركت ووتش".

واكتشف فيروس "كورونا" لأول مرة في 31 كانون الأول الماضي في مدينة عاصمة مقاطعة هوبي الصينية "ووهان"، لكنه امتد إلى مدن رئيسية أخرى.

وتوفي 81 شخصاً داخل الصين حتى الآن إثر الفيروس سريع الانتشار، مع حقيقة إصابة حوالي 2861 شخصاً داخل البلاد، كما امتد المرض خارج الصين لدول مثل الولايات المتحدة واليابان وهونج كونج وغيرهم.

وفي نهاية المطاف، فإن شدة الفيروس سوف تحدد رد فعل الأسواق، حيث أن نجاح المؤشرات في التغلب على العدوى من تفشي المرض في الماضي لا تعني أن هذا سيكون الحال هذه المرة.

وتجنبت منظمة الصحة العالمية في الأسبوع الماضي إعلان حالة طوارئ عالمية حيال الصحة، لكنها أشارت إلى التداعيات شديدة الخطورة في الصين.

وكتب رئيس والمدير المالي لشركة "كمبرلاند" للاستشارات "ديفيد كوتوك" خلال مذكرة بحثية أن الأمراض المعدية والأوبئة ذات عواقب على الأسواق كما تزيد من المخاطر ويمكن أن تكون مميتة".

وتابع: "الصدمات الخارجية يمكن أن تعرقل الاتجاهات الاقتصادية وتغير معنويات السوق بشكل مفاجئ، فليس كافة المخاطر تكمن في السياسة الاقتصادية أو النقدية".

وفي عام 2003، بينما كانت السلطات الصينية تكافح لمواجهة فيروس "السارس"، فإن مؤشر "إم.إس.سي.آي" للأسهم الصينية تراجع بأكثر من 10 بالمائة.

وكان مرض السارس أسفر عن إصابة حوالي 8100 شخص بالفيروس خلال انتشاره في عام 2003، مع وفاة 774 شخصاً، وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية.

لكن الضرر الاقتصادي الناجم عن مرض السارس كان أكثر استدامة، طبقاً لدراسة أجراها خبراء الاقتصاد "جونج وها لي" من جامعة كوريا و"وارويك ماكيبين" من الجامعة الوطنية الأسترالية.

وقالوا خلال ورقة بحثية نشرت عام 2004، إن الفيروس سريع الانتشار تسبب في محو ما يزيد عن 1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للصين و2.6 بالمائة من النمو الاقتصادي لهونج كونج.

ويجدر الإشارة إلى أنه خلال ذروة انتشار فيروس "السارس" في الفترة من كانون الأول 2002 وحتى نيسان عام 2003، انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز" بنحو 8.3 بالمائة كما أن الأسهم ذات الصلة بالانفاق التقديري والأسواق الناشئة (وخاصةً الصين) سجلت أداءً ضعيفاً في مقابل قفزة 4.8 بالمائة في أسعار الذهب.

لكن الأسواق تعافت سريعاً، بالتزامن مع السيطرة على السارس، الأمر الذي يشير إلى أنه في معظم الحالات يكون أيّ ضرر مالي قصير الأجل، كما كتب كبير خبراء اقتصاد السوق في "كابيتال إيكونوميكس" في لندن "أوليفر جونز" خلال مذكرة نقلتها "واشنطن بوست".

وبالنظر إلى الولايات المتحدة، والتي أبلغت عن ظهور حالتين مصابة بالمرض في 2020، نجد أن "وول ستريت" تتفاعل تاريخياً مع مثل الأمراض المتفشية وسريعة الانتشار.

ووفقاً لبيانات "داو جونز" للسوق، فإن مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" سجل مكاسب بنحو 14.59 بالمائة بعد أول ظهور لمرض "السارس" في عامي 2002 و2003، بناءً على أداء المؤشر في الستة أشهر المنتهية في شهر نيسان عام 2003 لكن صعوده بلغ 20.76 بالمائة في الإثنى عشرة شهراً المنتهية في الشهر ذاته.

وبشكل منفصل، ارتفع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنحو 11.66 بالمائة في الستة أشهر التالية لإعلان فيروس "أنفلونزا الطيور" عام 2006.

لكن مكاسب المؤشر الأمريكي الأوسع نطاقاً بلغت 18.36 بالمائة في غضون الإثنى عشرة شهراً المنتهية في حزيران 2006.

وتتشابه البيانات سالفة الذكر حول أداء الأسهم في كافة أنحاء العالم بناءً على بيانات "تشارلز شواب"، حيث أن مؤشر "إم.إس.سي.آي" والذي يتبع الأسهم العالمية، ارتفع بنحو 0.4 بالمائة في المتوسط بعد شهر من حدوث الوباء و3.1 بالمائة في غضون الستة أشهر التالية و8.5 بالمائة بعد عام.

وفي عام 2014، أدى تفشي فيروس إيبولا في غرب إفريقيا إلى توقف الأسهم الأمريكية عن مسارها مع قلق المستثمرين بشأن التأثير السلبي على إنفاق المستهلكين، حيث انخفض مؤشر "داو جونز" حوالي 7 بالمائة في الفترة بين منتصف أيلول الماضي ومنتصف تشرين الأول من نفس العام.

وفيما يتعلق بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، فإنه أثار فزع المستثمرين بدايةً من أواخر 2012.

وفي الفترة من 1 تشرين الثاني 2012 وحتى 1 كانون الأول عام 2012، تراجع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنحو 0.8 بالمائة في حين أن أسعار الذهب ارتفعت 0.5 بالمائة.

لكن المؤشر الأوسع نطاقاً سرعان ما تعافى من الخسائر بسرعة أكبر بكثير، حيث ربح 15.1 بالمائة خلال الستة أشهر التالية.

ويتزامن انتشار فيروس العام الحالي مع عطلة السنة القمرية الجديدة في البلاد، والتي تتسم في العادة برحلات السفر والترفيه وزيادة الاستهلاك من جانب الشعب الصيني.

ويقول المحللون في "ويلز فارجز" للأوراق المالية خلال تقرير بقيادة "جاي برايسون" إن الاحتفال بالعام القمري الجديدة يمكن أن يزيد من انتشار الفيروس وكذلك من التأثير الاقتصادي.

ويأتي هذا الوباء في وقت يعاني فيه اقتصاد الصين من أسوأ وتيرة نمو سنوي في ثلاثة عقود، حيث تباطأ الناتج المحلي الإجمالي إلى 6.1 بالمائة في عام 2019.

وأضاف محللو ويلز فارجو أنه حال استخدام وباء "السارس" كدليل، فإن الأثر الاقتصادي من فيروس الكورونا الحالي مع ذلك من المرجح أن تكون مؤقتة.

وحتى الآن، تشير البيانات الأولية الخاصة بالفيروس الذي اندلع في مدينة ووهان الصينية إلى أنه أقل حدة سواء من حيث العدوى أو شدة الأثر مقارنة مع "السارس"، بحسب ما تقوله المحللة في بنك أوف أمريكا "هيلين تشياو" في تعليقات نقلتها موقع "بينزينجا".

ويضيف مؤسس "سيفنز روبرت" للأبحاث " توم إساي" خلال تعليقات نقلها "بينزينجا" أن المستثمرين يجب أن يكونوا مستعدين لمزيد من العناوين بشأن ووهان التي ستحرك الأسواق خلال الأسابيع القادمة.

وتابع: "من منظور السوق، نظراً لأن هذا المرض يرتبط بشكل وثيق بالسارس، اعتقد أن رد فعل السوق على تفشي السارس يوفر نموذجاً جيداً يجب إتباعه".

ويأتي هذا الاضطراب في وقت يبدو فيه النمو الاقتصادي الصيني هشاً بالفعل كما سيقوم لسوء الحظ بإزالة بعض الدعم في معنويات المستهلكين والشركات من الصفقة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بحسب ما ذكره الرئيس السابق لوحدة الصين في صندوق النقد الدولي "إسوار براساد" خلال تعليق مع صحيفة "واشنطن بوست".

وأشار إلى أن انتشار هذا المرض على نطاق أوسع لديه إمكانية تعطيل السفر والتجارة وسلاسل التوريد في جميع أنحاء آسيا، مع تأثيرات على الاقتصاد العالمي، نظراً لأن آسيا تعد بمثابة محرك رئيسي للنمو العالمي.

ومع ذلك، يؤكد الخبراء أنه من الهام عدم تعميم احتمالية حدوث نتائج غير متوقعة من الأوبئة في الاقتصادات والأسواق.

واستشهدت وكالة بلومبرج بتقرير صدر عام 2006 عن مؤسسة "فيديلتي" للاستثمارات، يشير إلى أنه لا يمكن استخلاص أيّ نتائج ثابتة حول تأثيرات الأوبئة على أداء سوق الأسهم، حيث أن أسواق الأسهم تتفاعل بشكل غير متوقع مع المجهول.

وتابع التقرير أنه مع ذلك لا ينبغي تفسير مثل هذه الأحداث بمعزل عن غيرها ولكن يجب النظر إليها بشكل مشترك مع ظروف السوق السائدة الأخرى.

المصدر: مباشر


مشاهدات 2083
أضيف 2020/01/28 - 11:02 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 5918 الشهر 65535 الكلي 7522810
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/3/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير