الاقتصاد نيوز ـ بغداد:
تمثل العملة النقدية الواجهة الوطنية لأي بلد إلى جانب أهميتها الاقتصادية، وغالبا ما يتم طباعة عدد من الرموز والأشياء التي توحي إلى تاريخ البلد على هذه العملات ورقية كانت أم معدنية.
تلجأ الكثير من دول العالم إلى طباعة عملتها المحلية في دول أخرى الأمر الذي يدعو للتساؤل حول هذا الأمر، لماذا لا نستطيع طباعة عملتنا المحلية بأنفسنا؟ وماهي مخاطر هذا الأمر.
عدد قليل من الدول تقوم بطباعة عملتها ضمن حدود البلد، فعلى سبيل المثال، تقوم الهند بطباعة عملتها على أراضيها، في الوقت الذي يلزم قانون في الولايات المتحدة الأمريكية طباعة العملة ضمن الأراضي الأمريكية.
يختص عدد من الشركات العالمية في طباعة العملة ولعل أشهرها شركة De La Rue البريطانية التي تقوم بطباعة 11 في المئة من العملات النقدية الموجودة في الأسواق.
حيث تقوم بطباعة نحو 140 عملة لبنوك مركزية في العالم، ومن باب المفارقة في حال أردنا تكديس العملات التي تقوم بطباعتها خلال أسبوع فستصل لارتفاع يعادل ارتفاع قمة إيفرست.
يذكر بأن الشركات الكبرى المختصة بطباعة العملات تتوزع في أمريكا الشمالية وأوروبا.
لماذا لا تقوم الدول بطباعة عملتها
تعتبر عملية طباعة العملات بأنها مكلفة ومعقدة، والشركات التي تقوم بهذا العمل تقوم به منذ مئات السنين وقد اكتسبت خبرة كبيرة في هذا المجال، حيث تتواجد لديها المعدات اللازمة بالإضافة لمعايير السلامة التي تتبعها.
فشركة De La Rue بدأت في إنتاج الأوراق النقدية منذ عام 1860، وكانت مورويشيوس أول دولة تطلب من الشركة طباعة عملتها، كمال وتنتج الشركة الأوراق النقدية البلاستيكية الجديدة لبنك إنجلترا من فئة 5 و10 جنيهات.
ومن المنطقي بأن تقوم البلدان الصغيرة بطباعة عملتها في الخارج، فعلى سبيل المثال تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بطباعة ما يقارب 7 مليارات من الأوراق النقدية سنويا.
ما مدى خطورة طباعة العملة خارج البلد
تمثل حادثة 2011 التي قامت فيها بريطانيا باحتجاز 1,86 مليار دينار ليبي، مثالا خطورة مثل هذه الأمور، حيث أدى ذلك إلى نقص سيولة نقدية في الأيام الأخيرة من حكم معمر القذافي
كان نصيب شركة De La Rue 140 مليون ورقة نقدية قد طبعتها الشركة.
هذا وتعتبر شركة "غوزناك" الروسية إحدى كبرى الشركات العالمية في هذا المجال، حيث يوجد لها عملاء في أكثر من 20 دولة في آسيا وأفريقيا وأوروبا، ففي عام 2014، قامت الشركة بإنتاج 1,1 مليار ورقة نقدية، بالإضافة لقيامها بإنتاج جوازات سفر وعملات معدنية.
فعلى سبيل المثال تقوم الشركة الروسية بإصدار وطبع العملة اللبنانية "الليرة"، حيث أن طبع رزمة تحتوي على 1000 ورقة نقدية لبنانية يكلف لبنان 60 يورو، وبالتالي فإن طباعة عشر رزمات من أصغر فئة نقدية ورقية لبنانية تكلف 10 بالمئة من قيمتها. أما معرفة كمية الأموال اللبنانية المطبوعة في روسيا فهو صعب نظرا لوجود سرية صارمة.
وبحسب مصادر الشركة الروسية، فإن طباعة الأموال اللبنانية في روسيا يعود إلى أكثر من 10 سنوات. ولا يعتبر لبنان الدولة الوحيدة التي تطبع وتستورد أموالها من روسيا، فهناك دول مثل سوريا ولاوس وماليزيا وبيلاروسيا وغواتيمالا ودول أخرى.
التعامل النقدي إلى أين في ظل التكنولوجيا
يتضاءل استخدام العملات النقدية بأشكالها المختلفة بوما بعد يوم وبخاصة في الدول المتطورة، حيث شهد قطاع التكنولوجيا ثورة كبيرة الأمر الذي أدى لإدخال تقنيات الدفع عن طريق الهواتف المحمولة.
ففي إحصائية للبنك المركزي الصيني في العام 2016، فإن 10 في المئة فقط من المعاملات التجارية تم إجرائها بشكل نقدي، والبقية كانت بشكل إلكتروني عن طريق الهواتف الذكية.
ولكن على الرغم من التقنيات الجديدة، فإن الطلب على الأوراق النقدية في جميع أنحاء العالم مستمر في النمو على الصعيد العالمي، يبلغ النمو 3.2 ٪، ويقدر السوق بـ 10 مليارات دولار.