الحقوق الاقتصادية وستراتيجية الامن الوطني
المستشار الاقتصادي والمصرفي لرابطة المصارف الخاصة العراقية سمير النصيري

يمر العراق حاليا بمرحلة حرجة ومهمة وحساسة ومفصلية نظرا للظروف السياسية والامنية والاقتصادية والمطالبات الشعبية المشروعة والتعهدات والقرارات والحلول التي اعلنتها الحكومة ومجلس النواب ورئاسة الجمهورية بالاتفاق بين الرئاسات الثلاث وان جميع هذه القرارات ينتظر الشعب تحقيقها خلال فترات زمنية لا تتجاوز الأشهر والشيء المهم ان المرجعية الرشيدة أكدت خلال خطبتي الجمعة الماضيتين على مساندتها لأبناء الشعب ووقوفها إلى جانبه وطالبت الحكومة باتخاذ الإجراءات الفورية والسريعة لتلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين .

لذلك اني اعتقد ان الحكومة أمامها فرصة تاريخية لتصحيح المسارات وان ترسم لها  ستراتيجية واضحة ومحددة الأهداف والتوقيتات الزمنية للتنفيذ لكي يطمئن الشعب ان الحكومة تسير وفقا لما يحقق المصلحة العليا للوطن والشعب وهذا يحتاج معالجات سريعة ودقيقة للمشكلات الاقتصادية والقضاء على الفساد والمفسدين خصوصا وأن المؤشرات الرسمية تشير الى ارتفاع معدلات نسب البطالة الى اكثر من 30% لقوى العمل القادرة على العمل وارتفاع معدلات نسبة الفقر الى 30% مما ادت كل هذه التحديات الى ارتفاع معدلات تفشي حالات الفساد المالي والاداري ومعاناة الشعب العراقي في نقص الخدمات والقصور الواضح في تحقيق الامن الغذائي والدوائي وضعف نسب تنفيذ المنهاج الحكومي وفقا لتقرير لجنة متابعة المنهاج الحكومي في مجلس النواب حيث لم تتعدى نسبة التنفيذ اكثر من 37% مما  ادى الى ارتباك ستراتيجية الامن الوطني والتي يجب ان تشكل الاساس في استقرار العراق اقتصاديا  وامنيا يضاف الى ذلك ما رافق عملية التغيير بعد عام 2003 من ارباك وعدم وجود رؤية ومنهجية اقتصادية موحدة لإدارة الاقتصاد الوطني  حيث تم التشتت بين اقتصاد مركزي وبين تمنيات للانتقال الى اقتصاد السوق ادى الى تحديات داخلية معقدة تسببت في تأخير العملية التنموية للعراق بالرغم من مضي اكثر من ستة عشر عام على التغيير واصبح الامر اكثر تعقيدا وصعوبة مع التغيرات الحاصلة في المنطقة العربية والاقليمية والفجوة الحاصلة فيما بيننا وبين دولها في المجالات الاقتصادية والتقنية والفنية.

لذلك نعتقد ان بناء اسس واضحة لاستراتيجية الامن الوطني بمفهومه الشامل مع التركيز على الجانب الاقتصادي يجب ان يتمخض عنها تحقيق الامن والاستقرار والتنمية الاقتصادية بما يساهم في تحقيق رفاهية المجتمع وان تكون فعالة وقابلة للتنفيذ في الظروف الحالية التي يعيشها العراق لذا فان الكثير من المواطنين ومن مختلف المستويات الحكومية والسياسية والاقتصادية واساتذة الجامعات ومنظمات المجتمع المدني من الشباب والنساء والمهنيين يجب ان يساهموا باعدادها من خلال ما يطرح الان من مطالبات مشروعة للمواطنين في ساحات الاصلاح في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية.

ان ضخامة التهديدات على العراق داخليا وخارجيا ونركز هنا على التهديدات التي تخص توقعات الانهيار الاقتصادي وهدر المال العام وعدم الاستقرار في اسعار النفط عالميا يتطلب وقوف الجهات الحكومية والسياسية والشعبية من اجل حماية العراق وادامة بناء اقتصاده وفق المعطيات الواقعية التي تحت مستوى نظر الجميع لذلك نرى وبشكل لايقبل الشك ان الاصلاحات والحلول الاقتصادية التي اعلنها السيد رئيس الوزراء والتي اغلبها تحتاج الى سقوف زمنية مختلفة لغرض تنفيذها يتطلب اعادة النظر بها بالاتجاهات التي يجب اعتمادها كاستراتيجية اقتصادية لتحقيق الامن الوطني يركز فيها على المادة 25 من الدستور ومواد اخرى تتعلق بان تكفل الدولة حياة كريمة للفرد والاسرة وتضمن العدالة الاجتماعية بين جميع فئات وطوائف الشعب العراقي كما ان هذه الاستراتيجية يجب ان تتضمن تطبيقا واقعيا لمحاور المنهاج الحكومي بعد تعديلة وفقا للمستجدات وحزم الاصلاحات الاقتصادية  والخدمية التي اعلنتها الحكومة ومجلس النواب والاهم من ذلك المطالبات المشروعة للشعب في القضاء على الفساد المالي والاداري ومعالجة البطالة والفقر واعادة اموال العراق المسروقة من المفسدين والسراق للمال العام.

لذلك نعتقد أن المبادئ الاساسية والاقتصادية لاستراتيجية الامن الوطني كما ياتي:-

 ١‐سيادة العراق وسلامة ووحدة اراضيه

٢‐بناء اقتصاد وطني سليم متعدد الموارد

٣‐القطاع الخاص يلعب الدور المحوري لقيادة السوق

٤‐توفير الامن الغذائي والدوائي والبيئي للمواطنين

٥‐تامين الحياة الكريمة للفرد والاسرة وفقا لمواد الدستور.

٦‐اصلاح وتطوير القطاع المالي والمصرفي وزيادة نسبة مساهمتها في التنمية الاقتصادية.

٧‐تكفل الدولة ضمان العدالة الاجتماعية للمواطنين

٨‐حماية مبدأ المواطنة والسلم الاهلي

٩‐اصلاح وتطوير مؤسسات الحوكمة الرشيدة لتقديم افضل الخمات للمواطنين

١٠‐امن المعلومات والشفافية في البيانات والمؤشرات الاقتصادية.

 

نلاحظ من خلال تحليل المبادى الاساسية والاقتصادية اعلاه ان بناء الاقتصاد السليم والذي يحقق بنتائجه النهائية الازدهار والرفاهية للمجتمع هو الاساس في بناء استراتيجية للامن الوطني تتعدى حماية الامن الداخلي الى حماية الوطن وضمان سلامته من الاعداء الخارجيين لذلك نؤكد هنا ان تعزيز الامن الوطني في الداخل ومن الخارج يتطلب من جميع الجهات المعنية الحكومية والسياسية وممثلي الشباب المتظاهرين  والقطاع الخاص وخبراء الاقتصاد دراسة ومناقشة وتحليل التحديات و الاجراءات الاصلاحية من اجل عراق امن واقتصاد متين في حوار وطني شامل  يستند الى ما ياتي:-

 

١‐تفعيل المحاور التي وردت في المنهاج الحكومي من خلال وضع سياسات واليات تنفيذية وتطبيقية لتطوير القطاعات الاقتصادية الانتاجية بالاتجاهات التي تحقق ما ورد في هذه المحاور في جوانبها التفصيلية وتحديد سقف زمني لتنفيذ كل مادة من مواد المحاور المشار اليها اعلاه.وتحت رقابة مجلس النواب

٢‐قيام الحكومة بتشكيل المجلس الاعلى للشؤن الاقتصادية والذي يتشكل من خبراء من الحكومة والقطاع الخاص من اجل القيام بالاصلاح الاقتصادي والخطوة الاولى منه الاصلاح المصرفي وبما يعزز دور البنك المركزي.


مشاهدات 1941
أضيف 2019/10/15 - 2:08 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 7902 الشهر 65535 الكلي 7524794
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/3/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير