بالصور.. حرف عريقة تتعلمها نساء السماوة لإحياء تراث العراق

الاقتصاد نيوز _ بغداد

منذ طفولتها كان حلمها أن تنشئ مركزا تُعلم فيه النساء الحرف اليدوية التراثية، وأن تفتح مشغلا صغيرا لبيع منتجاتهن، فقد كانت مولعة بالحرف والنقوش والمنسوجات التراثية، وبدأ حلمها يتحقق الآن.
تقول التفات خريجان (51 عاما) إنها منذ صغرها تعلمت الخياطة والتطريز على يد مدربين على صناعة المنسوجات التراثية والحرف اليدوية، مشيرة إلى أنها منذ ذلك الحين كانت تحلم بتعليم نساء منطقتها الخياطة والتطريز، وإنشاء مشغل يجمعهن وتسوق من خلاله المنتجات.
وأضافت أن الحلم بقي بداخلها إلى أن أكملت دراستها في معهد المعلمات المركزي في بغداد، حيث كلفت لاحقا بتعليم نساء القرى والأرياف في محافظة المثنى (جنوبي العراق) القراءة والكتابة في صفوف محو الأمية.
وخلال قيامها بدورها معلمة، عقدت خريجان العزم على تحقيق حلم الطفولة وإنقاذ التراث العراقي من الحرف اليدوية.
وتقول إنها في البداية جمعت عددا من نساء القرى الماهرات في الغزل والنسيج اليدوي، بالإضافة إلى الراغبات في تعلم هذه المهنة من أعمار مختلفة، ووفرت لهن مكانا في بيتها إلى جانب فتح صف صغير لتعليم الأميات منهن القراءة والكتابة حتى تمكنت من تعليم العشرات.
بدأت خريجان مشروعها التعليمي عام 2015 واستهدفت 30 امرأة من ريف قضاء الخضر التابع لمحافظة المثنى أغلبهن من الأرامل والمطلقات والمعوزات، مشيرة إلى أهمية العمل لهؤلاء النسوة كفرصة للانخراط في سوق العمل، وبمرور الزمن توسع المشروع ليستقطب العديد من العاملات حتى وصل عددهن الآن إلى أكثر من 70 امرأة.
مستخدمات المواد الأولية ذات المنشأ المحلي تنجز العاملات مهامهن التي تعتمد بالدرجة الأساس على صوف الأغنام الذي يحصلن عليه من أصحاب الأغنام خلال فصل الربيع، ليقمن بعد ذلك بتنظيفه وغزله وصبغه بالأصباغ التي تباع في  الأسواق المحلية.
تعتبر خريجان العاملات في مشغلها "مهندسات محترفات" لأنهن يتقن العمل خاصة النقوش ذات الأشكال الهندسية، بالإضافة إلى ما يتمتعن به من أفكار جميلة ومميزة وتعدد مهارتهن في العمل، فتقوم العاملات بالغزل والصبغ والتطريز وخياطة الملابس والرِقم وصناعة العباءات التراثية والحقائب اليدوية والمفارش المنزلية التراثية وغيرها.
واعتبرت نوال نعيم إحدى العاملات في المشغل، أنها حققت فوائد عدة، أهمها الحصول على فرصة عمل مناسبة مكنتها من الاعتماد على نفسها.
وأعربت عن سعادتها بالعمل في المشغل وخاصة أنه يوفر لها ولزميلاتها أجواء اجتماعية تعد بمثابة متنفس نفسي للعاملات وتخفف عنهن ضغوط الحياة.
ورفع من شأن المشروع الذي تقوم عليه خريجان، المشاركة بمنتجات المشغل في أكثر من 35 معرضا محليا ودوليا.
وقدم صندوق "تمكين" التابع للبنك المركزي العراقي الدعم إلى مشغل النساء من خلال شراء جميع منتجاتهن التي كانت مكدسة، ووزعها على المصارف ورجال الأعمال، كما قدم منحة مالية لإنشاء مشغل مستقل ومجهز على قطعة أرض خصصت له من بلدية المثنى، وفقا لما ذكرته خريجان.
يشار إلى أن محافظة المثنى تعد من أعلى محافظات العراق في نسبة الفقر، وفقا لوزارة التخطيط، ويعاني سكانها من ارتفاع البطالة.
ويواجه مشغل خريجان صعوبة التسويق في ظل وفرة في الإنتاج، حيث تبذل العاملات جهدا كبيرا في العمل ولكنهن لا يجدن سوقا لتصريف منتجاتهن التي تبقى أحيانا مكدسة لمدة طويلة، مما يؤثر سلبا على حركة العمل وعلى العاملات بشكل كبير.
وفي مواجهة ذلك، حثت خريجان الحكومة على دعم المشروع من خلال شراء منتجاته لتوزيعها كهدايا على الزوار الأجانب خلال المؤتمرات الدولية، وتوفير أماكن صغيرة مقابل أجور رمزية لتسويق منتجاتهن في المطارات العراقية والأماكن السياحية.
وتعليقا على مشروع خريجان، قال الخبير التراثي غالب الكعبي إن الحرف والصناعات اليدوية جزء مهم من ذاكرة العراق عبر آلاف السنين، فهي توثق حياة الشعوب وثقافتها في الزمن الماضي، وتوضح البيئة الطبيعية لتلك المجتمعات ومستوى الخبرات والإمكانات الإنتاجية الذاتية التي عرفت بتنوعها وجودتها.
وأشار الكعبي إلى ضرورة الاهتمام بهذه الحرف والصناعات التراثية ودراسة مشكلاتها وأسباب تناقصها، والعمل على النهوض بها من خلال إيجاد مراكز حرفية والعمل على زيادة الدعم الحكومي من خلال المنح المالية والقروض الميسرة لتشجيع الحرفيين الشباب وحماية المنتج المحلي، وإيجاد منافذ تسويقية وإقامة المعارض والمتاحف.

المصدر : الجزيرة 


مشاهدات 1662
أضيف 2019/06/20 - 9:30 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 1665 الشهر 65535 الكلي 7645605
الوقت الآن
الجمعة 2024/3/29 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير