البنك المركزي العراقي واهداف السياسة النقدية
سمير النصيري

ان السياسة النقدية كانت وماتزال قضية حيوية في الحياة الاقتصادية في البلاد . فهي انعكاس للاداء العام للدولة ومدى جديتها في تلافي الصعوبات والمعضلات الناشئة وجعلها متناسقة مع الاهداف المرسومة.  
فقبل 2003 ، كانت السياسة النقدية امتدادا للاهواء الذاتية للحكومة. ومن هنا برزت الحاجة للاصلاح الجذري للبنك المركزي وصدر القانون الجديد للبنك في ٢٠٠٤ وتعديلاته في ٢٠١٧ الذي اكد استقلاليتة وتثبيت دوره الاساسي في حماية موارد البلاد.
أن المهمة الان هي الالتزام بالمعايير الدوليه المصرفية والمحاسبية ومواجهة غسل الاموال ومحاولات تمويل الارهاب التي تقف في مقدمة التحديات التي تواجه البنك المركزي العراقي. كما ان الحرص على سلامة العمليات النقدية من خلال بيع العملة هو الاخر أمر اساسي في اداء البنك المركزي  وتثبيت مبادئ وقواعد التعامل المشروع في جو سليم من الرقابة والاشراف.
ان المحافظة على استقلالية البنك وتمكينه من اداء مهمته من غير تدخل حكومي وجعله مؤسسة فعالة وضامنة لمصالح المجتمع ككل.
ان عملية بيع العملة بحاجة الى فهم عميق في ظل الاتهامات الكبيرة التي يتعرض لها البنك من دون ادلة تثبت وجود شبهات فساد او عملية غسل للاموال او تهريب للعملة. وان الطرح الذي يقول ان بيع العملة هو هدر للمال العام فهذا توصيف لايمت للعلمية الاقتصادية بصلة وان هناك الكثير من الدول تمارس هذه العملية وهي من الوظائف الرئيسية للبنوك المركزية في العالم.
كما ان البنك المركزي العراقي يمارس وظائفا متعددة الابعاد فهو معني بالاستقرار المالي وادارة نظام المدفوعات الوطني وادارة الاحتياطات الاجنبية وترخيص ومراقبة المصارف والمؤسسات المالية، ويتولى وضع الضوابط الوقائية، اضافة الى مهام اخرى تتعلق بالاصدار النقدي ونشر البيانات والمؤشرات والتنبؤات الاقتصادية.
ومن المهام الاساسية التي يقوم بها البنك المركزي ادارة السياسة النقدية Monetary Policy التي تهدف للسيطرة على التضخم وتحفيز الاقتصاد والاستخدام الكامل وتوازن ميزان المدفوعات وتحقيق الاستقرار النقدي.  
ان تحقيق اهداف السياسة النقدية يتوقف بشكل رئيسي على استقلالية البنك المركزي، والاستقلالية هنا هي في قدرة البنك المركزي على التحكم والسيطرة على حجم الكتلة النقدية  ( باعتبارها العنصر الاساس في السياسة النقدية ) ، ورغم ماتنص عليه قوانين البنوك المركزية في اكثر دول العالم الا ان هذه الاستقلالية من الناحية الواقعية والعملية تخضع لتاثيرات وتحديات اخرى، بدرجات متفاوتة تؤثر في تلك الاستقلالية.
ان الاستقرار المالي يمثل نقطة الانطلاق نحو الاستقرار الاقتصادي ويتطلب ذلك استقرارا نقديا يتمثل في قدرة السلطة النقدية على تحقيق استقرار الاسعار عند مستويات مستهدفة من خلال السيطرة على التضخم عند مستويات مستهدفة.  لذلك يلاحظ ان البنك المركزي استطاع خلال السنوات ٢٠١٥-٢٠١٨ من تحقيق اهداف السياسة النقدية بمستوى جيد بالرغم من التحديات التي واجهتها والتي ابرزها العجز في الايراد غير النفطي والعجز في الموازنات العامة والعجز في ميزان المدفوعات والتعامل بالنقد وارتفاع الكتلة النقدية في التداول الى حدود ٤٨ تريليون دينار  وبحدود ٧٧% منها خارج النظام المصرفي وقصور السياسة المالية للحكومة وان نفقاتها هي المحددة للتوسع في العرض النقدي وضعف التنسيق بين السياستين المالية والنقدية وضعف القطاع المصرفي وضعف دور بعض ادوات السياسة النقدية وتاثيراتها على زيادة وانخفاض الكتلة النقدية كمعدل الفائدة ونسبة الاحتياطي القانوني ومن التحديات المهمة الاخرى هي انخفاض الاستثمار المحلي وزيادة الادخار الاجنبي نظرا للظروف الامنية والسياسية والاقتصادية.
ويمكننا القول ان البنك المركزي العراقي تجاوز  اغلب التحديات برسمه سياسات واجراءات اقتصادية وعلمية وتقنية وهيكلية وبنيوية تطويرية ساهمت بتحقيق اهدافه في استقرار سعر الصرف والحد من التضخم واعادة بناء احتياطيات اجنبية كافية وزيادة نسبة الشمول المالي وبالتالي العمل بروح الفريق الواحد لقيادة الاقتصاد الوطني وتحقيق الاستقرار النقدي والمالي وصولا للاستقرار الاقتصادي الناجز.


* مستشار اقتصادي ومصرفي


مشاهدات 4286
أضيف 2019/01/20 - 11:06 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 4841 الشهر 65535 الكلي 7521733
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/3/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير