ماذا يعني فرض ضريبة على التسوق الإلكتروني؟

بذلت ولايات متعطشة للضرائب جهوداً مضنية أضيفت إلى مساعي عمالقة شركات التجزئة التقليدية لإزالة القيود على سلطات الضرائب في كل ولاية

تستمع المحكمة العليا في الولايات المتحدة إلى قضية قد تؤثر في مستقبل التجارة الإلكترونية، خاصةً الشركات الصغيرة التي تبيع منتجاتها عبر الشبكة، والمتسوقون الذين يشترون منتجاتهم عبر الإنترنت.

وفي ولاية ساوث داكوتا ستحدد محكمة أخرى ما إذا كان مسؤولو حكومة الولاية مطالبين بتحصيل ضريبة مبيعات على الإنترنت على مشتريات تأتي من بائع غير موجود فعلياً في نفس ولاية المشترين.

وبذلت ولايات متعطشة للضرائب ومسؤولون محليون جهوداً مضنية أضيفت إلى مساعي عمالقة شركات التجزئة التقليدية لممارسة الضغط على أعضاء الكونجرس طوال ما يقرب من عقدين من الزمن؛ لإزالة القيود الجغرافية المفروضة على سلطات الضرائب في كل ولاية. فالساسة المحليون في الولايات يحبون فرض الضرائب على البائعين في ولايات أخرى ليس لهم وزن انتخابي، في حين ترحب الشركات العملاقة في قطاع التجزئة بأي خطوة من شأنها سحق منافسيها.

ولكن عندما يتعلق الأمر بحماية المستهلكين وسيادة القانون، سيكون من الأفضل للجميع إذا قاومت المحكمة العليا المصالح الخاصة لسياسيي كل ولاية وجماعات الضغط، وفرضت التقيد بمعايير التوزيع الجغرافي، واعتمدت على الكونجرس لمعالجة هذه القضية.

المشكلة مع ضرائب المبيعات على الإنترنت هي أنها تضر بالمنافسة، ومن المرجح أن يتم تطبيقها على شكل زيادة في ضريبة المستهلكين. كما أنها تمنح الولايات الفرصة لتشكيل أطر ضريبية مؤقتة وهو أمر يحظره الدستور.

وليست هناك وسيلة أمام المشتري عبر الإنترنت لتجنب الضريبة، ما يعني أن تأثيرها على المدى البعيد سيدفع الولايات لتخفيف مطالبتها بتقليص الفوارق الضريبية بين مختلف الولايات. وهذا سوف يضطر المستهلكين إلى الاحتماء بنظام ولايتهم الضريبي عندما يتسوّقون عبر الإنترنت، وعلى سبيل المثال سوف يقود الفارق في أسعار البنزين بين ولاية فرجينيا وواشنطن العاصمة، الكثير من السائقين للسفر إلى حيث تنخفض الأسعار، ما يشكل أحد المبررات للضغط باتجاه الحفاظ على معدلات الضريبة منخفضة.

ومن شأن ضريبة المبيعات على الإنترنت أن تضر بالشركات الصغيرة، التي تسوّق منتجات عبر الإنترنت نتيجة ارتفاع تكاليف الامتثال القانوني، حيث سيتعين عليها التعامل مع التكاليف والمضاعفات المترتبة على التعامل مع أكثر من 10 آلاف نص قانوني متعلق بضرائب المبيعات. كما سيخضع هؤلاء لتدقيق حساباتهم في 46 ولاية، وهو العدد الحالي للولايات التي تفرض ضريبة مبيعات.

وتدعم شركات التجزئة الكبيرة، مثل «تارجيت» و«بيست باي» و«وول مارت» هذه الضريبة الجديدة لأنها كفيلة بإلحاق الضرر بالمنافسين الصغار، ما قد يؤدي إلى خروج بعضهم من السوق. فحتى شركة أمازون، التي اعتادت معارضة جهود التوسع الضريبي، غيرت موقفها الآن لأنها تمتلك مستودعات في جميع أنحاء البلاد لتقليص زمن التوصيل، وهو ما يتطلب أيضاً إجراءات امتثال لقوانين ضريبة المبيعات في العديد من الولايات.

ويحمي معيار التواجد الجغرافي الحالي الشركات من فرض الضرائب عليها في الولايات، التي لا يوجد فيها حضور مادي، حيث لا تستطيع الولاية فرض ضريبة المبيعات على المشتريات إذا لم يكن لدى البائع مخزن أو مستودع أو مكتب في الولاية.

وإذا كانت هذه الضرائب تصب في مصلحة الشعب، فلا يوجد سبب للاعتقاد بأن الكونجرس لن يتصرف. لكن ينبغي ألا تتمكن الولايات من التراجع عن مبدأ الوجود الجغرافي، وهو ما تحاول ولاية ساوث داكوتا تحصيله من قضيتها التي تنظر فيها المحكمة العليا.

ومن المرجح أن يتم التعامل مع البائعين عبر الإنترنت والبائعين التقليديين بشكل متماثل. والأهم من ذلك، أن مثل هذا النهج من شأنه أن يعزز المنافسة الصحية بين الولايات، ويهدد الولاية التي تفرض ضريبة عالية للغاية على الشركات المتواجدة داخل حدودها بفقدان تلك الشركات التي ستنتقل إلى ولايات تفرض فيها ضرائب أقل.

هذا المبدأ أفضل بكثير من المبدأ الذي أقره حكم المحكمة العليا بخصوص الوجود الجغرافي دون تدخل الكونجرس. وفي حال تعميمه، فإنه سيؤدي بالتأكيد إلى تلاشي العديد من الشركات الصغيرة عبر الإنترنت، ورفع الضرائب على الأمريكيين وتقليص خياراتهم على الإنترنت.

 

*زميل معهد التقنية والابتكارات في واشنطن

 

 


مشاهدات 1057
أضيف 2018/05/06 - 2:05 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 11228 الشهر 65535 الكلي 7886137
الوقت الآن
الجمعة 2024/4/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير